كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 4)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة: 265] يَعْنِي بِذَلِكَ: وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ أَيُّهَا النَّاسُ فِي نَفَقَاتِكُمُ الَّتِي تُنْفِقُونَهَا بَصِيرٌ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهَا وَلَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا شَيْءٌ يَعْلَمُ مَنِ الْمُنْفِقُ مِنْكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى وَالْمُنَفِّقُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ، وَتَثْبِيتًا مِنْ نَفْسِهِ، فَيُحْصِي عَلَيْكُمْ حَتَّى يُجَازِيَ جَمِيعَكُمْ جَزَاءَهُ عَلَى عَمَلِهِ، إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ. وَإِنَّمَا يَعْنِي بِهَذَا الْقَوْلِ جَلَّ ذِكْرُهُ التَّحْذِيرَ مِنْ عِقَابِهِ فِي النَّفَقَاتِ الَّتِي يُنْفِقُهَا عِبَادُهُ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْمَالِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ مَا قَدْ تَقَدَّمَ فِيهِ بِالنَّهْيِ عَنْهُ، أَوْ يُفَرِّطُ فِيمَا قَدْ أُمِرَ بِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَرْأًى مِنَ اللَّهِ وَمَسْمَعٍ، يَعْلَمُهُ وَيُحْصِيهُ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ لِخَلْقِهِ بِالْمِرْصَادِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلِ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} [البقرة: 266] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا} [البقرة: 264] {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلِ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ. . .} [البقرة: 266] الْآيَةَ

الصفحة 679