كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 5)

كَمَا حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: {§يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 272] قَالَ: «هُوَ مَرْدُودٌ عَلَيْكَ، فَمَا لَكَ وَلِهَذَا تُؤْذِيهِ وَتَمُنُّ عَلَيْهِ؟ إِنَّمَا نَفَقَتُكَ لِنَفْسِكَ وَابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ، وَاللَّهُ يَجْزِيكَ»
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة: 273] أَمَّا قَوْلُهُ: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [البقرة: 273] فَبَيَانٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ سَبِيلِ النَّفَقَةِ وَوَجْهِهَا. وَمَعْنَى الْكَلَامِ: وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرَ فَلِأَنْفُسِكُمْ، تُنْفِقُونَ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَاللَّامُ الَّتِي فِي الْفُقَرَاءِ مَرْدُودَةٌ عَلَى مَوْضِعِ اللَّامِ فِي فَلِأَنْفُسِكُمْ، كَأَنَّهُ قَالَ: {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ} [البقرة: 272] يَعْنِي بِهِ: وَمَا تَتَصَدَّقُوا بِهِ مِنْ مَالَ فَلِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَلَمَّا اعْتَرَضَ فِي الْكَلَامِ بِقَوْلِهِ: {فَلِأَنْفُسِكُمْ} [البقرة: 272] ، فَأَدْخَلَ الْفَاءَ الَّتِي هِيَ جَوَابُ الْجَزَاءِ فِيهِ تُرِكَتْ إِعَادَتُهَا فِي قَوْلِهِ

الصفحة 22