كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 5)
قِيلَ: نَعَمْ، وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنَ الرِّبَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْأَكْلَ إِلَّا أَنَّ الَّذِينَ نَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَاتُ يَوْمَ نَزَلَتْ كَانَتْ طُعْمَتُهُمْ وَمَأْكَلُهُمْ مِنَ الرِّبَا، فَذَكَرَهُمْ بِصِفَتِهِمْ مُعَظِّمًا بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ أَمْرَ الرِّبَا، وَمُقَبِّحًا إِلَيْهِمُ الْحَالَ الَّتِي هُمْ عَلَيْهَا فِي مَطَاعِمِهِمْ، وَفِي قَوْلِهِ جَلَّ ثناؤُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 279] الْآيَةَ مَا يُنْبِئُ عَنْ صِحَّةِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ وَأَنَّ التَّحْرِيمَ مِنَ اللَّهِ فِي ذَلِكَ كَانَ لِكُلِّ مَعَانِي الرِّبَا وَأَنَّ سَوَاءً الْعَمَلُ بِهِ وَأَكْلُهُ وَأَخْذُهُ وَإِعْطَاؤُهُ، كَالَّذِي تَظَاهَرَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: «لَعَنَ اللَّهُ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ إِذَا عَلِمُوا بِهِ»
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} [البقرة: 275] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ: ذَلِكَ الَّذِي وَصَفَهُمْ بِهِ مِنْ قِيَامِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ قُبُورِهِمْ كَقِيَامِ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ مِنَ الْجُنُونِ، فَقَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّهُ
الصفحة 42