كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 5)

وَالْأَمْرُ أَمْرِي وَالْخَلْقُ خَلْقِي، أَقْضِي فِيهِمْ مَا أَشَاءُ، وَأَسْتَعْبِدُهُمْ بِمَا أُرِيدُ، لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَعْتَرِضَ فِي حُكْمِي، وَلَا أَنْ يُخَالِفَ فِي أَمْرِي، وَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ طَاعَتِي وَالتَّسْلِيمُ لِحُكْمِي. ثُمَّ قَالَ جَلَّ ثناؤُهُ: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى} [البقرة: 275] يَعْنِي بِالْمَوْعِظَةِ التَّذْكِيرَ وَالتَّخْوِيفَ الَّذِي ذَكَّرَهُمْ وَخَوَّفَهُمْ بِهِ فِي آيِ الْقُرْآنِ، وَأَوْعَدَهُمْ عَلَى أَكْلِهِمُ الرِّبَا مِنَ الْعِقَابِ، يَقُولُ جَلَّ ثناؤُهُ: فَمَنْ جَاءَهُ ذَلِكَ فَانْتَهَى عَنْ أَكْلِ الرِّبَا، وَارْتَدَعَ عَنِ الْعَمَلِ بِهِ، وَانْزَجَرَ عَنْهُ {فَلَهُ مَا سَلَفَ} [البقرة: 275] يَعْنِي مَا أَكَلَ وَأَخَذَ فَمَضَى قَبْلَ مَجِيءِ الْمَوْعِظَةِ وَالتَّحْرِيمِ مِنْ رَبِّهِ فِي ذَلِكَ {وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 275] يَعْنِي وَأَمْرُ آكِلِهِ بَعْدَ مَجِيئِهِ الْمَوْعِظَةُ مِنْ رَبِّهِ وَالتَّحْرِيمُ، وَبَعْدَ انْتِهَاءِ آكِلِهِ عَنْ أَكْلِهِ إِلَى اللَّهِ فِي عِصْمَتِهِ وَتَوْفِيقِهِ إِنْ شَاءَ عَصَمَهُ عَنْ أَكْلِهِ وَثَبَّتَهُ فِي انْتِهَائِهِ عَنْهُ، وَإِنْ شَاءَ خَذَلَهُ عَنْ ذَلِكَ {وَمَنْ عَادَ} [البقرة: 275] يَقُولُ وَمَنْ عَادَ لِأَكْلِ الرِّبَا بَعْدَ التَّحْرِيمِ وَقَالَ مَا كَانَ يَقُولُهُ قَبْلَ مَجِيءِ الْمَوْعِظَةِ مِنَ اللَّهِ بِالتَّحْرِيمِ مِنْ قَوْلِهِ {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} [البقرة: 275] {فَأُولَئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 81] يَعْنِي فَفَاعِلُو ذَلِكَ وَقَائِلُوهُ هُمْ أَهْلُ النَّارِ يَعْنِي نَارَ جَهَنَّمَ فِيهَا خَالِدُونَ وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُوسَى، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ؛ ثنا -[45]- أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: {§فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 275] «أَمَّا الْمَوْعِظَةُ فَالْقُرْآنُ، وَأَمَّا مَا سَلَفَ فَلَهُ مَا أَكَلَ مِنَ الرِّبَا»

الصفحة 44