كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 5)

شِرْكِهِ الَّذِي لَا يُقَرُّ عَلَى الْمُقَامِ عَلَيْهِ، وَأَنْ يَقْتُلَ الْمُرْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ مِنْهُمْ بِكُلِّ حَالٍ إِلَّا أَنْ يُرَاجِعَ الْإِسْلَامَ، أَذِنَهُ الْمُشْرِكُونَ بِأَنَّهُمْ عَلَى حَرْبِهِ أَوْ لَمْ يَأْذَنُوهُ، فَإِذْا كَانَ الْمَأْمُورُ بِذَلِكَ لَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ كَانَ مُشْرِكًا مُقِيمًا عَلَى شِرْكِهِ الَّذِي لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ، أَوْ يَكُونَ كَانَ مُسْلِمًا فَارْتَدَّ وَأُذِنَ بِحَرْبٍ، فَأَيُّ الْأَمْرَيْنِ كَانَ، فَإِنَّمَا نُبِذَ إِلَيْهِ بِحَرْبٍ، لَا أَنَّهُ أَمْرٌ بِالْإِيذَانِ بِهَا إِنْ عَزَمَ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ إِنْ كَانَ إِلَيْهِ فَأَقَامَ عَلَى أَكْلِ الرِّبَا مُسْتَحِلًّا لَهُ، وَلَمْ يُؤَذِّنِ الْمُسْلِمُونَ بِالْحَرْبِ، لَمْ يَلْزَمْهُمْ حَرْبُهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ حُكْمَهُ فِي وَاحِدَةٍ مِنَ الْحَالَيْنِ، فَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ الْمَأْذُونُ بِالْحَرْبِ لَا الْآذِنُ بِهَا. وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ تَأَوَّلَهُ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا §اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} [البقرة: 278] إِلَى قَوْلِهِ: {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 279] «فَمَنْ كَانَ مُقِيمًا عَلَى الرِّبَا لَا يَنْزِعُ عَنْهُ، فَحَقَّ عَلَى إِمَامِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَسْتَتِيبَهُ، فَإِنْ نَزَعَ وَإِلَّا ضَرَبَ عُنُقَهُ»
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا رَبِيعَةُ بْنُ كُلْثُومٍ، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " §يُقَالُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِآكِلِ الرِّبَا: خُذْ سِلَاحَكَ لِلْحَرْبِ " -[53]- حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا الْحَجَّاجُ، قَالَ: ثنا رَبِيعَةُ بْنُ كُلْثُومٍ، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ

الصفحة 52