كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 5)

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، وَغَيْرِهِ: أَنَّهَا حِينَ نَزَلَتْ: {§لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] " جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ بِفَرَسٍ لَهُ كَانَ يُحِبُّهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَحَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَكَأَنَّ زَيْدًا وَجَدَ فِي نَفْسِهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مِنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَمَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ قَبِلَهَا»
{§كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 93] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَرَّمَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَهُمْ وَلَدُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ شَيْئًا مِنَ الْأَطْعِمَةِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ، بَلْ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ لَهُمْ حَلَالًا، إِلَّا مَا كَانَ يَعْقُوبُ حَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِنَّ وَلَدَهُ حَرَّمُوهُ اسْتِنَانًا بِأَبِيهِمْ يَعْقُوبَ، مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمِ اللَّهِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فِي وَحْي وَلَا تَنْزِيلٍ وَلَا عَلَى لِسَانِ رَسُولٍ لَهُ إِلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِ نُزُولِ التَّوْرَاةِ. ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَحْرِيمِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، هَلْ نَزَلَ فِي التَّوْرَاةِ أَمْ لَا؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ التَّوْرَاةَ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ مَنْ ذَلِكَ مَا كَانُوا يُحَرِّمُونَهُ قَبْلَ نُزُولِهَا

الصفحة 577