كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 5)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَوْلُهُ: {§كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 93] " قَالَتِ الْيَهُودُ: إِنَّمَا نُحَرِّمُ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ الْعُرُوقَ، كَانَ يَأْخُذُهُ عِرْقُ النَّسَا، كَانَ يَأْخُذُهُ بِاللَّيْلِ وَيَتْرُكُهُ بِالنَّهَارِ، فَحَلَفَ لَئِنِ اللَّهُ عَافَاهُ مِنْهُ لَا يَأْكُلُ عِرْقًا أَبَدًا، فَحَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: 93] مَا حَرَّمَ هَذَا عَلَيْكُمْ غَيْرِي بِبَغْيِكُمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} [النساء: 160] فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ: كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ، فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ إِسْرَائِيلُ حَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي التَّوْرَاةِ، بِبَغْيِهِمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَظُلْمِهِمْ لَهَا، قُلْ يَا مُحَمَّدُ: فَأْتُوا أَيُّهَا الْيَهُودُ إِنْ أَنْكَرْتُمْ ذَلِكَ بِالتَّوْرَاةِ، فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُحَرِّمْ ذَلِكَ عَلَيْكُمْ فِي التَّوْرَاةِ، وَأَنَّكُمْ إِنَّمَا تُحَرِّمُونَهُ لِتَحْرِيمِ
الصفحة 578