كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 5)

كَمَا: حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ: {§فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: 229] قَالَ: «نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ»
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [آل عمران: 95] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ: صَدَقَ اللَّهُ فِيمَا أَخْبَرَنَا بِهِ مِنْ قَوْلِهِ: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ} [آل عمران: 93] وَأَنَّ اللَّهَ لَمْ يُحَرِّمْ عَلَى إِسْرَائِيلَ وَلَا عَلَى وَلَدِهِ الْعُرُوقَ وَلَا لُحُومَ الْإِبِلِ وَأَلْبَانَهَا، وَأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ شَيْئًا حَرَّمَهُ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ بِغَيْرِ تَحْرِيمِ اللَّهِ إِيَّاهُ عَلَيْهِمْ فِي التَّوْرَاةِ، وَفِي كُلِّ مَا أَخْبَرَ بِهِ عِبَادَهُ مِنْ خَبَرٍ دُونَكُمْ وَأَنْتُمْ يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ الْكَذِبَةِ فِي إِضَافَتِكُمْ تَحْرِيمَ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ عَلَيْكُمْ فِي التَّوْرَاةِ الْمُفْتَرِيَةِ عَلَى اللَّهِ الْبَاطِلَ فِي دَعْوَاكُمْ عَلَيْهِ غَيْرَ الْحَقِّ {فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [آل عمران: 95] يَقُولُ: فَإِنْ كُنْتُمْ أَيُّهَا الْيَهُودُ مُحِقِّينَ فِي دَعْوَاكُمْ أَنَّكُمْ عَلَى الدِّينِ الَّذِي ارْتَضَاهُ اللَّهُ لِأَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ، فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ، فَإِنَّكُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ الَّذِي ارْتَضَاهُ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ دِينًا، وَابْتَعَثَ بِهِ أَنْبِيَاءَهُ، وَذَلِكَ الْحَنِيفِيَّةُ يَعْنِي الِاسْتِقَامَةَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَشَرَائِعِهِ دُونَ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ وَالْمُشْرِكَةِ.

الصفحة 588