كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 5)

حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: {§يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102] قَالَ: " جَاءَ أَمْرٌ شَدِيدٌ، قَالُوا: وَمَنْ يُعْرَفُ قَدْرَ هَذَا أَوْ يَبْلُغُهُ؟ فَلَمَّا عَرَفَ أَنَّهُ قَدِ اشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، نَسَخَهَا عَنْهُمْ، وَجَاءَ بِهَذِهِ الْأُخْرَى " فَقَالَ: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] «فَنَسَخَهَا» وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102] فَإِنَّ تَأْوِيلَهُ
كَمَا: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ طَاوُسٍ: {§وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102] قَالَ: «عَلَى الْإِسْلَامِ وَعَلَى حُرْمَةِ الْإِسْلَامِ»
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران: 103] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ: وَتَعَلَّقُوا بِأَسْبَابِ اللَّهِ جَمِيعًا. يُرِيدُ بِذَلِكَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَتَمَسَّكُوا بِدِينِ اللَّهِ الَّذِي أَمَرَكُمْ بِهِ، وَعَهْدِهِ الَّذِي عَهِدَهُ إِلَيْكُمْ فِي كِتَابِهِ إِلَيْكُمْ مِنَ الْأُلْفَةِ وَالِاجْتِمَاعِ عَلَى كَلِمَةِ الْحَقِّ وَالتَّسْلِيمِ لِأَمْرِ اللَّهِ. وَقَدْ دَلَّلْنَا فِيمَا مَضَى قَبْلُ عَلَى مَعْنَى الِاعْتِصَامِ وَأَمَّا الْحَبْلُ، فَإِنَّهُ السَّبَبُ الَّذِي يُوصَلُ بِهِ إِلَى الْبُغْيَةِ وَالْحَاجَةِ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ الْأَمَانُ حَبْلًا، لِأَنَّهُ سَبَبٌ يُوصَلُ بِهِ إِلَى زَوَالِ الْخَوْفِ وَالنَّجَاةِ مِنَ الْجَزَعِ وَالذُّعْرِ، وَمِنْهُ قَوْلُ أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَةَ:
[البحر الكامل]

الصفحة 643