كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 5)
كُنْتُمْ أَعْدَاءً: أَيْ بِشِرْكِكُمْ، بِقَتْلِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا، عَصَبِيَّةً فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ وَلَا طَاعَةِ رَسُولِهِ، فَأَلَّفَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ، فَجَعَلَ بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ إِخْوَانًا بَعْدَ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً تَتَوَاصَلُونَ بِأُلْفَةِ الْإِسْلَامِ وَاجْتِمَاعِ كَلِمَتِكُمْ عَلَيْهِ
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: {§وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ} [آل عمران: 103] «كُنْتُمْ تَذَابَحُونَ فِيهَا، يَأْكُلُ شُدِيدُكُمْ ضَعِيفَكُمْ حَتَّى جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ، فَآخَى بِهِ بَيْنَكُمْ، وَأَلَّفَ بِهِ بَيْنَكُمْ، أَمَا وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، إِنَّ الْأُلْفَةَ لَرَحْمَةٌ، وَإِنَّ الْفُرْقَةَ لَعَذَابٌ»
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، فِي قَوْلِهِ: {§وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً} [آل عمران: 103] «يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَيَأْكُلُ شَدِيدُكُمْ ضَعِيفَكُمْ، حَتَّى جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ، فَأَلَّفَ بِهِ بَيْنَكُمْ، وَجَمَعَ جَمْعَكُمْ عَلَيْهِ، وَجَعَلَكُمْ عَلَيْهِ إِخْوَانًا» فَالنِّعْمَةُ الَّتِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى الْأَنْصَارِ الَّتِي أَمَرَهُمْ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنْ يَذْكُرُوهَا هِيَ أُلْفَةُ الْإِسْلَامِ وَاجْتِمَاعُ كَلِمَتِهِمْ عَلَيْهَا، وَالْعَدَاوَةُ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمْ، الَّتِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً} [آل عمران: 103] فَإِنَّهَا عَدَاوَةُ الْحُرُوبِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ الْحَيَّيْنِ مِنَ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، يَزْعُمُ الْعُلَمَاءُ بِأَيَّامِ الْعَرَبِ، أَنَّهَا تَطَاوَلَتْ بَيْنَهُمْ عِشْرِينَ وَمِائَةَ سَنَةٍ
الصفحة 650