كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 5)
وَأَمَّا قَوْلُهُ: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [آل عمران: 106] فَإِنَّ مَعْنَاهُ: فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ، فَيُقَالُ لَهُمْ: {أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} [آل عمران: 106] وَلَا بُدَّ لِ «أَمَّا» مِنْ جَوَّابِ بِالْفَاءِ، فَلَمَّا أُسْقِطَ الْجَوَّابُ سَقَطَتِ الْفَاءُ مَعَهُ، وَإِنَّمَا جَازَ تَرْكُ ذِكْرِهِ «فَيُقَالُ» لِدَلَالَةِ مَا ذُكِرَ مِنَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا مَعْنَى قَوْلِهِ جَلَّ ثناؤُهُ: {أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [آل عمران: 106] فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ عُنِيَ بِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عُنِيَ بِهِ أَهْلُ قِبْلَتِنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: {§يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 106] الْآيَةَ، " لَقَدْ كَفَرَ أَقْوَامٌ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ كَمَا تَسْمَعُونَ، وَلَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: " وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ الْحَوْضَ مِمَّنْ صَحِبَنِي أَقْوَامٌ، حَتَّى إِذَا رُفِعُوا إِلَيَّ وَرَأَيْتُهُمُ اخْتُلِجُوا دُونِي، فَلَأَقُولَنَّ: رَبِّ أَصْحَابِي أَصْحَابِي، فَلَيُقَالَنَّ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ". وَقَوْلُهُ: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ} [آل عمران: 107] هَؤُلَاءِ أَهْلُ طَاعَةِ اللَّهِ وَالْوَفَاءِ بِعَهْدِ اللَّهِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [آل عمران: 107]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ: {§يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ -[665]- إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} [آل عمران: 106] «فَهَذَا مَنْ كَفَرَ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ حِينَ اقْتَتَلُوا»
الصفحة 664