كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 5)
وَقَوْلُهُ: {آيَاتُ اللَّهِ} [البقرة: 231] يَعْنِي مَوَاعِظَ اللَّهِ، وَعِبَرَهُ وَحُجَجَهُ. {نَتْلُوهَا عَلَيْكَ} [البقرة: 252] نَقْرَؤُهَا عَلَيْكَ وَنَقُصُّهَا {بِالْحَقِّ} [البقرة: 71] يَعْنِي: بِالصِّدْقِ وَالْيَقِينِ وَإِنَّمَا يَعْنِي بِقَوْلِهِ: {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ} [البقرة: 252] هَذِهِ الْآيَاتُ الَّتِي ذُكِرَ فِيهَا أُمُورُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْصَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمُورُ يَهُودِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ، وَمَا هُوَ فَاعِلٌ بِأَهْلِ الْوَفَاءِ بِعَهْدِهِ وَبِالْمُبَدِّلِينَ دِينَهُ وَالنَّاقِضِينَ عَهْدَهُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِهِ، ثُمَّ أَخْبَرَ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَتْلُو ذَلِكَ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ، وَأَعْلَمَهُ أَنَّ مَنْ عَاقَبَهُ مِنْ خَلْقِهِ بِمَا أَخْبَرَ أَنَّهُ مُعَاقِبُهُ مِنْ تَسْوِيدِ وَجْهِهِ وَتَخْلِيدِهِ فِي أَلِيمِ عَذَابِهِ وَعَظِيمِ عِقَابِهِ وَمَنْ جَازَاهِ مِنْهُمْ بِمَا جَازَاهُ مِنْ تُبْيِيضِ وَجْهِهِ وَتَكْرِيمِهِ وَتَشْرِيفِ مَنْزِلَتِهِ لَدَيْهِ بِتَخْلِيدِهِ فِي دَائِمِ نَعِيمِهِ فَبِغَيْرِ ظُلْمٍ مِنْهُ لِفَرِيقٍ مِنْهُمْ بَلْ لَحِقٍّ اسْتَوْجَبُوهُ وَأَعْمَالٍ لَهُمْ سَلَفَتْ جَازَاهُمْ عَلَيْهَا، فَقَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ} [آل عمران: 108] يَعْنِي بِذَلِكَ: وَلَيْسَ اللَّهُ يَا مُحَمَّدُ بِتَسْوِيدِ وُجُوهِ هَؤُلَاءِ، وَإِذَاقَتِهِمُ الْعَذَابَ الْعَظِيمَ؛ وَتَبْيِيضِ وُجُوهِ هَؤُلَاءِ، وَتَنْعِيمِهِ إِيَّاهُمْ فِي جَنَّتِهِ، طَالِبًا وَضْعَ شَيْءٍ مِمَّا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ الَّذِي هُوَ مَوْضِعُهُ إِعْلَامًا بِذَلِكَ عِبَادَهُ أَنَّهُ لَنْ يَصْلُحُ فِي حِكْمَتِهِ بِخَلْقِهِ غَيْرُ مَا وَعَدَ أَهْلَ طَاعَتِهِ وَالْإِيمَانِ بِهِ، وَغَيْرُ مَا أَوْعَدَ أَهْلَ مَعْصِيَتِهِ وَالْكُفْرِ بِهِ، وَإِنْذَارًا مِنْهُ هَؤُلَاءِ وَتَبْشِيرًا مِنْهُ هَؤُلَاءِ
الصفحة 668