كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 5)
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: {§ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} [البقرة: 61] «اجْتَنِبُوا الْمَعْصِيَةَ وَالْعُدْوَانَ، فَإِنَّ بِهِمَا أُهْلِكَ مَنْ أُهْلِكَ قَبْلَكُمْ مِنَ النَّاسِ»
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} [آل عمران: 113] يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثناؤُهُ: {لَيْسُوا سَوَاءً} [آل عمران: 113] لَيْسَ فَرِيقَا أَهْلِ الْكِتَابِ، أَهْلُ الْإِيمَانِ مِنْهُمْ وَالْكُفْرِ سَوَاءً، يَعْنِي بِذَلِكَ: أَنَّهُمْ غَيْرُ مُتَسَاوِينَ، يَقُولُ: لَيْسُوا مُتَعَادِلِينَ، وَلَكِنَّهُمْ مُتَفَاوِتُونَ فِي الصَّلَاحِ وَالْفَسَادِ وَالْخَيْرِ وَالشَّرِّ. وَإِنَّمَا قِيلَ: لَيْسُوا سَوَاءً؛ لِأَنَّ فِيهِ ذِكْرَ الْفَرِيقَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا اللَّهُ فِي قَوْلِهِ: {وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} [آل عمران: 110] ، ثُمَّ أَخْبَرَ جَلَّ ثناؤُهُ عَنْ حَالِ الْفَرِيقَيْنِ، عِنْدَهُ، الْمُؤْمِنَةِ مِنْهُمَا وَالْكَافِرَةِ، فَقَالَ: {لَيْسُوا سَوَاءً} [آل عمران: 113] أَيْ لَيْسَ هَؤُلَاءِ سَوَاءً، الْمُؤْمِنُونَ مِنْهُمْ وَالْكَافِرُونَ، ثُمَّ ابْتَدَأَ الْخَبَرَ جَلَّ ثناؤُهُ عَنْ صِفَةِ الْفِرْقَةِ الْمُؤْمِنَةِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَمَدَحَهُمْ وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ بَعْدَمَا وَصَفَ الْفِرْقَةَ الْفَاسِقَةَ مِنْهُمْ بِمَا وَصَفَهَا بِهِ مِنَ الْهَلَعِ وَنَخْبِ الْجَنَانِ، وَمُحَالَفَةِ الذُّلِّ وَالصَّغَارِ، وَمُلَازَمَةِ الْفَاقَةِ وَالْمَسْكَنَةِ، وَتَحَمُّلِ خِزْيِ الدُّنْيَا وَفَضِيَحِةِ الْآخِرَةِ، فَقَالَ: {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} [آل عمران: 113] الْآيَاتِ الثَّلَاثِ، إِلَى قَوْلِهِ: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 115]
الصفحة 689