كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 5)
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ} [آل عمران: 114] يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ: {يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [آل عمران: 114] يُصَدِّقُونَ بِاللَّهِ، وَبِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَمَاتِ، وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ مُجَازِيهِمْ بِأَعْمَالِهِمْ؛ وَلَيْسُوا كَالْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَجْحَدُونَ وَحْدَانِيَّةَ اللَّهِ، وَيَعْبُدُونَ مَعَهُ غَيْرَهُ، وَيُكَذِّبُونَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَمَاتِ، وَيُنْكِرُونَ الْمُجَازَاةَ عَلَى الْأَعْمَالِ وَالثَّوَابَ وَالْعِقَابَ، وَقَوْلُهُ: {وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ} [آل عمران: 104] يَقُولُ: يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَتَصْدِيقِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا جَاءَهُمْ بِهِ. {وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 104] يَقُولُ: وَيَنْهَوْنَ النَّاسَ عَنِ الْكُفْرِ بِاللَّهِ، وَتَكْذِيبِ مُحَمَّدٍ، وَمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ: يَعْنِي بِذَلِكَ: أَنَّهُمْ لَيْسُوا كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، الَّذِينَ يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْكُفْرِ، وَتَكْذِيبِ مُحَمَّدٍ فِيمَا جَاءَهُمْ بِهِ، وَيَنْهَوْنَهُمْ عَنِ الْمَعْرُوفِ مِنَ الْأَعْمَالِ، وَهُوَ تَصْدِيقُ مُحَمَّدٍ فِيمَا أَتَاهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ {وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} [آل عمران: 114] يَقُولُ: وَيَبْتَدِرُونَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ خَشْيَةَ أَنْ يَفُوتَهُمْ ذَلِكَ قَبْلَ مُعَاجَلَتِهِمْ مَنَايَاهُمْ.
الصفحة 699