كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 5)

قَبْلَهَا أَوْلَى مِنْ صَرْفِهَا عَنْ مَعَانِي مَا قَبْلَهَا، وَبِالَّذِي اخْتَرْنَا مِنَ الْقِرَاءَةِ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنْ هَارُونَ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ، قَالَ: بَلَغَنِي عَنِ §ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهُمَا جَمِيعًا بِالْيَاءِ» فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ إِذًا عَلَى مَا اخْتَرْنَا مِنَ الْقِرَاءَةِ: وَمَا تَفْعَلْ هَذِهِ الْأُمَّةُ مِنْ خَيْرٍ، وَتَعْمَلْ مِنْ عَمَلٍ لِلَّهِ فِيهِ رِضًا فَلَنْ يَكْفُرَهُمُ اللَّهُ ذَلِكَ؛ يَعْنِي بِذَلِكَ: فَلَنْ يُبْطِلَ اللَّهُ ثَوَابَ عَمَلِهِمْ ذَلِكَ، وَلَا يَدَعَهُمْ بِغَيْرِ جَزَاءٍ مِنْهُ لَهُمْ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّهُ يُجْزِلُ لَهُمُ الثَّوَابَ عَلَيْهِ، وَيُسْنِي لَهُمُ الْكَرَامَةَ وَالْجَزَاءَ. وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى مَعْنَى الْكُفْرِ فِيمَا مَضَى قَبْلُ بِشَوَاهِدِهِ، وَأَنَّ أَصْلَهُ تَغْطِيَةُ الشَّيْءِ فَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: {فَلَنْ يُكْفَرُوهُ} [آل عمران: 115] فَلَنْ يُغَطَّى عَلَى مَا فَعَلُوا مِنْ خَيْرٍ، فَيُتْرَكُوا بِغَيْرِ مُجَازَاةٍ، وَلَكِنَّهُمْ يُشْكَرُونَ عَلَى مَا فَعَلُوا مِنْ ذَلِكَ، فَيُجْزَلُ لَهُمُ الثَّوَابُ فِيهِ. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ مِنَ التَّأْوِيلِ تَأَوَّلَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: (§وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ تُكْفَرُوهُ) يَقُولُ: «لَنْ يُضَلَّ عَنْكُمْ» -[702]- حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، بِمِثْلِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 115] فَإِنَّهُ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَاللَّهُ ذُو عِلْمٍ بِمَنِ اتَّقَاهُ بِطَاعَتِهِ، وَاجْتِنَابِ مَعَاصِيهِ، وَحَافَظٌ أَعْمَالَهُمُ الصَّالِحَةَ حَتَّى يُثِيبَهُمْ عَلَيْهَا، وَيُجَازِيَهُمْ بِهَا تَبْشِيرًا مِنْهُ لَهُمْ جَلَّ ذِكْرُهُ فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا، وَحَضًّا لَهُمْ عَلَى التَّمَسُّكِ بِالَّذِي هُمْ عَلَيْهِ مِنْ صَالِحِ الْأَخْلَاقِ الَّتِي ارْتَضَاهَا لَهُمْ

الصفحة 701