كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 5)

الْمُؤَنَّثِ وَتَأْنِيثِهِ، كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ} [هود: 67] وَكَمَا قَالَ: {فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [الأنعام: 157] وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ: {وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ} [هود: 94] ، {قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [الأعراف: 73] وَقَالَ: {مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} [آل عمران: 118] وَإِنَّمَا بَدَا مَا بَدَا مِنَ الْبَغْضَاءِ بِأَلْسِنَتِهِمْ؛ لِأَنَّ الْمَعْنِيَّ بِهِ الْكَلَامُ الَّذِي ظَهَرَ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ، فَقَالَ: قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} [آل عمران: 118] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِذَلِكَ: وَالَّذِي تُخْفِي صُدُورُهُمْ، يَعْنِي صُدُورَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ نَهَاهُمْ عَنِ اتِّخَاذِهِمْ بِطَانَةً فَتُخْفِيهِ عَنْكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ أَكْبَرُ، يَقُولُ: أَكْبَرُ مِمَّا قَدْ بَدَا لَكُمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ مِنَ الْبَغْضَاءِ وَأَعْظَمُ
كَمَا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: {§وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} [آل عمران: 118] يَقُولُ: «وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ مِمَّا قَدْ أَبَدَوْا بِأَلْسِنَتِهِمْ»
حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، قَوْلُهُ: {§وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} [آل عمران: 118] يَقُولُ: «مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ مِمَّا قَدْ أَبَدَوْا بِأَلْسِنَتِهِمْ»
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [آل عمران: 118] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ: قَدْ بَيَّنَّا لَكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْآيَاتِ، يَعْنِي بِالْآيَاتِ -[716]- الْعِبَرَ، قَدْ بَيَّنَّا لَكُمْ مِنْ أَمْرِ هَؤُلَاءِ الْيَهُودِ الَّذِينَ نَهَيْنَاكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوهُمُ بِطَانَةً مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ مَا تَعْتَبِرُونَ وَتَتَّعِظُونَ بِهِ مِنْ أَمْرِهِمْ، {إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [آل عمران: 118] يَعْنِي إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ عَنِ اللَّهِ مَوَاعِظَهُ وَأَمْرَهُ وَنَهْيَهُ، وَتَعْرِفُونَ مَوَاقِعَ نَفْعِ ذَلِكَ مِنْكُمْ وَمَبْلَغَ عَائِدَتِهِ عَلَيْكُمْ

الصفحة 715