كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 5)

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا جَرِيرٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ مُرَّةَ بْنِ شَرَاحِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «إِنَّ §لِلشَّيْطَانِ لَمَّةً، وَلِلْمَلَكِ لَمَّةً، فَأَمَّا لَمَّةُ الشَّيْطَانِ فَتَكْذِيبٌ بِالْحَقِّ وَإِيعَادٌ بِالشَّرِّ، وَأَمَّا لَمَّةُ الْمَلَكِ فَإِيعَادٌ بِالْخَيْرِ وَتَصْدِيقٌ بِالْحَقِّ، فَمَنْ وَجَدَ ذَلِكَ فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ مِنَ اللَّهِ وَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَجَدَ الْأُخْرَى فَلْيَسْتَعِذْ مِنَ الشَّيْطَانِ» ثُمَّ قَرَأَ: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا} [البقرة: 268]
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 247] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَاللَّهُ وَاسِعُ الْفَضْلِ الَّذِي يَعِدُكُمْ أَنْ يُعْطِيكُمُوهُ مِنْ فَضْلِهِ وَسَعَةِ خَزَائِنِهِ، عَلِيمٌ بِنَفَقَاتِكُمْ وَصَدَقَاتِكُمُ الَّتِي تُنْفِقُونَ وَتَصَدَّقُونَ بِهَا، يُحْصِيهَا لَكُمْ حَتَّى يُجَازِيَكُمْ بِهَا عِنْدَ مَقْدِمُكُمْ عَلَيْهِ فِي آخِرَتِكُمْ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبَابِ} [البقرة: 269] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ: يُؤْتِي اللَّهُ الْإِصَابَةَ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَمَنْ يُؤْتَ الْإِصَابَةَ فِي ذَلِكَ مِنْهُمْ، فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْحِكْمَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ هِيَ الْقُرْآنُ وَالْفِقْهُ بِهِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ -[9]- ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {§وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة: 269] «يَعْنِي الْمَعْرِفَةَ بِالْقُرْآنِ، نَاسِخِهِ وَمَنْسُوخِهِ، وَمُحْكَمِهِ وَمُتَشَابِهِهِ، وَمُقَدَّمِهِ وَمُؤَخِّرِهِ، وَحَلَالِهِ وَحَرَامِهِ، وَأَمْثَالِهِ»

الصفحة 8