كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 5)

فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ، فَإِنَّ إِحْدَاهُمَا إِنْ ضَلَّتْ ذَكَّرَتْهَا الْأُخْرَى؛ عَلَى اسْتِئْنَافِ الْخَبَرِ عَنْ فِعْلِهَا إِنْ نَسِيَتْ إِحْدَاهُمَا شَهَادَتَهَا مِنْ تَذْكِيرِ الْأُخْرَى مِنْهُمَا صَاحِبَتَهَا النَّاسِيَةِ، وَهَذِهِ قِرَاءَةٌ كَانَ الْأَعْمَشُ يَقْرَؤُهَا وَمَنْ أَخَذَهَا عَنْهُ، وَإِنَّمَا نَصَبَ الْأَعْمَشُ {تَضِلَّ} [البقرة: 282] لِأَنَّهَا فِي مَحَلِّ جَزْمٍ بِحَرْفِ الْجَزَاءِ، وَهُوَ «إِنْ» وَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ عَلَى قِرَاءَتِهِ: إِنْ تَضْلِلْ، فَلَمَّا أُدْغِمَتْ إِحْدَى اللَّامَيْنِ فِي الْأُخْرَى حَرَّكَهَا إِلَى أَخَفِّ الْحَرَكَاتِ وَرَفَعَ «تُذَكِّرُ» بِالْفَاءِ، لِأَنَّهُ جَوَابُ الْجَزَاءِ، وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَهُ بِفَتْحِ «أَنْ» مِنْ قَوْلِهِ: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا} [البقرة: 282] وَبِتَشْدِيدِ الْكَافِ مِنْ قَوْلِهِ: {فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282] وَنَصْبِ الرَّاءِ مِنْهُ، بِمَعْنَى: فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَلْيَشْهَدْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ كَي إِنْ ضَلَّتْ إِحْدَاهُمَا ذَكَّرَتْهَا الْأُخْرَى، وَأَمَّا نَصْبُ «فَتُذَكِّرَ» فَبِالْعَطْفِ عَلَى «تَضِلَّ» ، وَفُتِحَتْ «أَنْ» بِحُلُولِهَا مَحَلِّ «كَيْ» ، وَهِيَ فِي مَوْضِعِ جَزَاءٍ، وَالْجَوَابُ بَعْدَهُ اكْتِفَاءً بِفَتْحِهَا، أَعْنِي بِفَتْحِ «أَنْ» مِنْ «كَيْ» وَنَسَقَ الثَّانِي، أَعْنِي {فَتُذَكِّرَ} [البقرة: 282] عَلَى

الصفحة 90