كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 6)
أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ} [آل عمران: 151] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ: سَيُلْقِيِ اللَّهُ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ، وَجَحَدُوا نُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ حَارَبَكُمْ بِأَحَدِ الرُّعْبِ، وَهُوَ الْجَزَعُ وَالْهَلَعُ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ، يَعْنِي بِشِرْكِهِمْ بِاللَّهِ وَعِبَادَتِهِمُ الْأَصْنَامَ، وَطَاعَتِهِمُ الشَّيْطَانَ الَّتِي لَمْ أَجْعَلْ لَهُمْ بِهَا حُجَّةً، وَهِيَ السُّلْطَانُ الَّتِي أَخْبَرَ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ لَمْ يَنْزِلْهُ بِكُفْرِهِمْ وَشِرْكِهِمْ، وَهَذَا وَعْدٌ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ثناؤُهُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّصْرِ عَلَى أَعْدَائِهِمْ، وَالْفَلَجِ عَلَيْهِمْ مَا اسْتَقَامُوا عَلَى عَهْدِهِ، وَتَمَسَّكُوا بِطَاعَتِهِ، ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ مَا هُوَ فَاعِلٌ بِأَعْدَائِهِمْ بَعْدَ مَصِيرِهُمْ إِلَيْهِ، فَقَالَ جَلَّ ثناؤُهُ: {وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ} [آل عمران: 151] يَعْنِي: وَمَرْجِعُهُمُ الَّذِي يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ النَّارُ {وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ} [آل عمران: 151] يَقُولُ: وَبِئْسَ مُقَامُ الظَّالِمِينَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِاكْتِسَابِهِمْ مَا أَوْجَبَ لَهَا عِقَابُ اللَّهِ النَّارَ
كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: {§سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ} [آل عمران: 151] «إِنِّي سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ الَّذِي بِهِ كُنْتُ أَنْصُرُكُمْ عَلَيْهِمْ، بِمَا أَشْرَكُوا بِي مَا لَمْ أَجْعَلْ لَهُمْ بِهِ حُجَّةً، أَيْ فَلَا تَظُنُّوا أَنَّ لَهُمُ عَاقِبَةَ نَصْرٍ، وَلَا ظُهُورًا عَلَيْكُمْ مَا اعْتَصَمْتُمْ وَاتَّبَعْتُمْ أَمْرِي، لِلْمُصِيبَةِ الَّتِي أَصَابَتْكُمْ مِنْهُمْ بِذُنُوبٍ قَدَّمْتُمُوهَا لِأَنْفُسِكُمْ، خَالَفْتُمْ -[128]- بِهَا أَمْرِي، وَعَصَيْتُمْ فِيهَا نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»
الصفحة 127