كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 6)

كَالَّذِي: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: " لَمَّا بَرَزَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ بِأُحُدٍ، أَمَرَ الرُّمَاةَ، فَقَامُوا بِأَصْلِ الْجَبَلِ فِي وُجُوهِ خَيْلِ الْمُشْرِكِينَ، وَقَالَ: «§لَا تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ إِنْ رَأَيْتُمُونَا قَدْ هَزَمْنَاهُمْ، فَإِنَّا لَنْ نَزَالَ غَالِبِينَ مَا ثَبَتُّمْ مَكَانَكُمْ» وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ أَخَا خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ، ثُمَّ إِنَّ طَلْحَةَ بْنَ عُثْمَانَ صَاحِبَ لِوَاءِ الْمُشْرِكِينَ قَامَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ، إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ اللَّهَ يُعَجِّلُنَا بِسُيُوفِكُمْ إِلَى النَّارِ، وَيُعَجِّلُكُمْ بِسُيُوفِنَا إِلَى الْجَنَّةِ، فَهَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ يُعَجِّلُهُ اللَّهُ بِسَيْفِي إِلَى الْجَنَّةِ، أَوْ يُعَجِّلُنِي بِسَيْفِهِ إِلَى النَّارِ؟ فَقَامَ إِلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا أُفَارِقُكَ حَتَّى يُعَجِّلُكَ اللَّهُ بِسَيْفِي إِلَى النَّارِ، أَوْ يُعَجِّلُنِي بِسَيْفِكَ إِلَى الْجَنَّةِ فَضَرَبَهُ عَلِيٌّ، فَقَطَعَ رِجْلَهُ فَسَقَطَ، فَانْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ، فَقَالَ: أُنْشِدُكَ اللَّهَ وَالرَّحِمَ يَا ابْنَ عَمِّ فَكَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ لِعَلِيٍّ أَصْحَابُهُ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُجْهِزَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: إِنَّ ابْنَ عَمِّي نَاشَدَنِي حِينَ انْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ. ثُمَّ شَدَّ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وَالْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، فَهَزَمَاهُمْ، وَحَمَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَصْحَابُهُ، فَهَزَمُوا أَبَا سُفْيَانَ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَهُوَ عَلَى خَيْلِ الْمُشْرِكِينَ حَمَلَ فَرَمَتْهُ الرُّمَاةُ، فَانْقَمَعَ؛ فَلَمَّا نَظَرَ الرُّمَاةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ فِي جَوْفِ عَسْكَرِ الْمُشْرِكِينَ يُنْهَبُونَهُ، بَادَرُوا الْغَنِيمَةَ، فَقَالْ بَعْضُهُمْ: لَا نَتْرُكُ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْطَلَقَ عَامَّتُهُمْ، فَلَحِقُوا بِالْعَسْكَرِ؛ فَلَمَّا رَأَى خَالِدٌ قِلَّةَ الرُّمَاةِ، صَاحَ فِي خَيْلِهِ، ثُمَّ حَمَلَ فَقَتَلَ الرُّمَاةَ، ثُمَّ حَمَلَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَلَمَّا -[130]- رَأَى الْمُشْرِكُونَ أَنَّ خَيْلَهُمْ تُقَاتِلُ، تَنَادَوْا، فَشَدُّوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَهَزَمُوهُمْ وَقَتَلُوهُمْ "

الصفحة 129