كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 6)
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ نَاسًا مِنَ النَّاسِ - يَعْنِي: يَوْمَ أُحُدٍ - فَكَانُوا مِنْ وَرَائِهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُونُوا هَاهُنَا فَرُدُّوا وَجْهَ مَنْ قَدِمَنَا، وَكُونُوا حَرَسًا لَنَا مِنْ قِبَلِ ظُهُورِنَا» وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا هَزَمَ الْقَوْمَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، اخْتَلَفَ الَّذِينَ كَانُوا جُعِلُوا مِنْ وَرَائِهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ لَمَّا رَأَوُا النِّسَاءَ مُصْعِدَاتٍ فِي الْجَبَلِ، وَرَأَوُا الْغَنَائِمَ، قَالُوا: انْطَلِقُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى فَأَدْرِكُوا الْغَنِيمَةَ قَبْلَ أَنْ تُسْبَقُوا إِلَيْهَا، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: بَلْ نُطِيعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَثْبُتُ مَكَانَنَا " فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {§مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا} [آل عمران: 152] «لِلَّذِينَ أَرَادُوا الْغَنِيمَةَ» {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} [آل عمران: 152] لِلَّذِينَ قَالُوا: " نُطِيعُ رَسُولَ اللَّهِ وَنَثْبُتُ مَكَانَنَا، فَأَتَوْا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ فَشَلًا حِينَ تَنَازَعُوا بَيْنَهُمْ؛ يَقُولُ: {وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 152] «كَانُوا قَدْ رَأَوُا الْفَتْحَ وَالْغَنِيمَةَ»
حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ: {§حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ} [آل عمران: 152] يَقُولُ: «جَبُنْتُمْ عَنْ عَدُوِّكُمْ» {وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 152] يَقُولُ: «اخْتَلَفْتُمْ وَعَصَيْتُمْ» {مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 152] " وَذَلِكَ يَوْمَ أُحُدٍ، قَالَ لَهُمْ: «إِنَّكُمْ سَتَظْهَرُونَ فَلَا أَعْرِفَنَّ مَا أَصَبْتُمْ مِنْ غَنَائِمِهِمْ شَيْئًا حَتَّى تَفْرُغُوا» فَتَرَكُوا أَمْرَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَصَوْا، وَوَقَعُوا فِي الْغَنَائِمِ، وَنَسُوا عَهْدَهُ الَّذِي عَهِدَهُ إِلَيْهِمْ، وَخَالَفُوا إِلَى غَيْرِ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ، فَانْصَرَفَ عَلَيْهِمْ عَدُوُّهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاهُمْ فِيهِمْ -[138]- مَا يُحِبُّونَ "
الصفحة 137