كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 6)
وَمَعْنَاهَا: السَّقُوطُ كَمَا قُلْنَا فِي: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ} [الصافات: 104] ، مَعْنَاهُ: نَادَيْنَاهُ، وَهَذَا مَقُولٌ فِي «حَتَّى إِذَا» وَفِي «فَلَمَّا أَنْ» ، وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ} [الأنبياء: 96] ثُمَّ قَالَ: {وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ} [الأنبياء: 97] وَمَعْنَاهُ: اقْتَرَبَ، وَكَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الكامل]
حَتَّى إِذَا قَمِلَتْ بُطُونُكُمُ ... وَرَأَيْتُمُ أَبْنَاءَكُمْ شَبُّوا
وَقَلَبْتُمُ ظَهْرَ الْمِجَنِّ لَنَا ... إِنَّ اللَّئِيمَ الْعَاجِزُ الْخِبُّ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} [آل عمران: 152] يَعْنِي جَلَّ ثناؤُهُ بِقَوْلِهِ: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا} [آل عمران: 152] الَّذِينَ تَرَكُوا مَقْعَدَهُمُ الَّذِي أَقْعَدَهُمْ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشِّعْبِ مِنْ أُحُدٍ لِخَيْلِ الْمُشْرِكِينَ، وَلَحِقُوا بِمُعَسْكَرِ الْمُسْلِمِينَ طَلَبَ النَّهْبِ إِذْ رَأَوْا هَزِيمَةَ الْمُشْرِكِينَ {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} [آل عمران: 152] يَعْنِي بِذَلِكَ: الَّذِينَ ثَبَتُوا مِنَ الرُّمَاةِ فِي مَقَاعِدِهِمُ الَّتِي أَقْعَدَهُمْ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاتَّبَعُوا أَمْرَهُ، مُحَافَظَةً عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَابْتِغَاءَ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الثَّوَابِ بِذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ، وَالدَّارَ الْآخِرَةَ
كَمَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، -[140]- عَنِ السُّدِّيِّ: {§مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكِمُ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} [آل عمران: 152] " فَالَّذِينَ انْطَلَقُوا يُرِيدُونَ الْغَنِيمَةَ، هُمْ أَصْحَابُ الدُّنْيَا وَالَّذِينَ بَقُوا، وَقَالُوا: لَا نُخَالِفُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادُوا الْآخِرَةَ " حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: ثني أَبِي، قَالَ: ثني عَمِّي، قَالَ: ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ
الصفحة 139