كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 6)
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثني حَجَّاجٌ، عَنْ مُبَارَكٍ، عَنِ الْحَسَنِ، فِي قَوْلِهِ: {§ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ} [آل عمران: 152] قَالَ: " صَرَفَ الْقَوْمَ عَنْهُمْ، فَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِعِدَّةِ مَنْ أُسِرُوا يَوْمَ بَدْرٍ، وَقُتِلَ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكُسِرَتْ رُبَاعِيَتُهُ، وَشُجَّ فِي وَجْهِهِ، وَكَانَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، وَيَقُولُ: «كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ فَعَلُوا هَذَا بِنَبِيِّهِمْ وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ؟» ؛ فَنَزَلَتْ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128] الْآيَةَ، فَقَالُوا: أَلَيْسَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَدَنَا النَّصْرَ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ} [آل عمران: 152] إِلَى قَوْلِهِ: {ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ} [آل عمران: 152]
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: {§ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ} [آل عمران: 152] «أَيْ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَخْتَبِرَكُمْ، وَذَلِكَ بِبَعْضِ ذُنُوبَكُمْ»
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 152] يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثناؤُهُ: {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ} [آل عمران: 152] وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ أَيُّهَا الْمُخَالِفُونَ أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالتَّارِكُونَ طَاعَتَهُ، فِيمَا تَقَدَّمَ إِلَيْكُمْ مِنْ لُزُومِ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَمَرَكُمْ بِلُزُومِهِ عَنْكُمْ، فَصَفَحَ لَكُمْ مِنْ عُقُوبَةِ ذَنْبِكُمُ الَّذِي أَتَيْتُمُوهُ عَمَّا هُوَ أَعْظَمُ مِمَّا عَاقَبَكُمْ بِهِ مِنْ هَزِيمَةِ أَعْدَائِكُمْ إِيَّاكُمْ، وَصَرَفَ وُجُوهَكُمْ عَنْهُمْ إِذْ لَمْ يْسَتَأْصِلْ جَمْعَكُمْ
الصفحة 143