كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 6)

كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: {§وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 152] يَقُولُ: «وَكَذَلِكَ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ عَاقَبَهُمْ بِبَعْضِ الذُّنُوبِ فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا أَدَبًا وَمَوْعِظَةً، فَإِنَّهُ غَيْرُ مُسْتَأْصِلٍ لِكُلِ مَا فِيهِمْ مِنَ الْحَقِّ لَهُ عَلَيْهِمْ، لِمَا أَصَابُوا مِنْ مَعْصِيَتِهِ؛ رَحْمَةً لَهُمْ، وَعَائِدَةً عَلَيْهِمْ لِمَا فِيهِمْ مِنَ الْإِيمَانِ»
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [آل عمران: 153] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ: وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ إِذْ لَمْ يَسَتَأْصِلْكُمْ، إِهْلَاكًا مِنْهُ جَمْعَكُمْ بِذُنُوبِكُمْ، وَهَرَبِكُمْ؛ {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ} [آل عمران: 153] وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَهُ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ سِوَى الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ: {إِذْ تُصْعِدُونَ} [آل عمران: 153] بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ، وَبِهِ الْقِرَاءَةُ عِنْدَنَا لِإِجْمَاعِ الْحُجَّةِ مِنَ الْقُرَّاءِ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِهِ، وَاسْتِنْكَارِهِمْ مَا خَالَفَهُ
وَرُوِي عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهُ: (§إِذْ تَصْعَدُونَ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْعَيْنِ حَدَّثَنِي بِذَلِكَ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ثنا الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ، قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ، عَنْ هَارُونَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ -[146]- فَأَمَّا الَّذِينَ قَرَءُوا: {تُصْعِدُونَ} [آل عمران: 153] بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ، فَإِنَّهُمْ وَجَّهُوا مَعْنَى ذَلِكَ إِلَى أَنَّ الْقَوْمَ حِينَ انْهَزَمُوا عَنْ عَدُوِّهِمْ أَخَذُوا فِي الْوَادِي هَارِبِينَ. وَذَكَرُوا أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ أُبَيٍّ: «إِذْ تُصْعِدُونَ فِي الْوَادِي»

الصفحة 145