كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 6)
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: «§أَنَّبَهُمُ اللَّهُ بِالْفِرَارِ عَنْ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يَدْعُوهُمْ لَا يَعْطِفُونَ عَلَيْهِ لِدُعَائِهِ إِيَّاهُمْ» فَقَالَ: {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ} [آل عمران: 153]
حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: {§وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ} [آل عمران: 153] «هَذَا يَوْمَ أُحُدٍ حِينَ انْكَشَفَ النَّاسُ عَنْهُ»
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [آل عمران: 153] يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثناؤُهُ: {فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ} [آل عمران: 153] يَعْنِي: فَجَازَاكُمْ بِفِرَارِكُمْ عَنْ نَبِيِّكُمْ، وَفَشَلِكُمْ عَنْ عَدُوِّكُمْ، وَمَعْصِيَتِكُمْ رَبَّكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ، يَقُولُ: غَمًّا عَلَى غَمٍّ. وَسَمَّى الْعُقُوبَةَ الَّتِي عَاقَبَهُمْ بِهَا مِنْ تَسْلِيطِ عَدُوِّهِمْ عَلَيْهِمْ حَتَّى نَالَ مِنْهُمْ مَا نَالَ ثَوَابًا، إِذْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ عَمَلِهِمُ الَّذِي سَخَطِهِ وَلَمْ يَرْضَهُ مِنْهُمْ، فَدَلَّ بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ أَنَّ كُلَّ عِوَضٍ كَالْمُعَوَّضِ مِنْ شَيْءٍ مِنَ الْعَمَلِ، خَيْرًا كَانَ أَوْ شَرًّا، أَوِ الْعِوَضُ الَّذِي بَذَلَهُ رَجُلٌ لِرَجُلٍ أَوْ يَدٌ سَلَفَتْ لَهُ إِلَيْهِ، فَإِنَّهُ مُسْتَحِقٌّ اسْمَ ثَوَابٍ كَانَ ذَلِكَ الْعِوَضُ تَكْرِمَةٌ أَوْ عُقُوبَةً، وَنَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الطويل]
الصفحة 149