كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 6)
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [آل عمران: 123] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا، لَا يَضُرَّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا، وَيَنْصُرْكُمْ رَبُّكُمْ، {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ} [آل عمران: 123] عَلَى أَعْدَائِكُمْ {وَأَنْتُمْ} [البقرة: 22] يَوْمَئِذٍ {أَذِلَّةٌ} [آل عمران: 123] يَعْنِي قَلِيلُونَ، فِي غَيْرِ مَنَعَةٍ مِنَ النَّاسِ، حَتَّى أَظْهَرَكُمُ اللَّهُ عَلَى عَدُوِّكُمْ مَعَ كَثْرَةِ عَدَدِهِمْ، وَقِلَّةِ عَدَدِكُمْ، وَأَنْتُمْ الْيَوْمَ أَكْثَرُ عَدَدًا مِنْكُمْ حِينَئِذٍ، فَإِنْ تَصْبِرُوا لِأَمْرِ اللَّهِ يَنْصُرْكُمْ كَمَا نَصَرَكُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ {فَاتَّقُوا اللَّهَ} [آل عمران: 50] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَاتَّقُوا رَبَّكُمْ بِطَاعَتِهِ وَاجْتِنَابِ مَحَارِمِهِ {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 52] يَقُولُ: لِتَشْكُرُوهُ عَلَى مَا مَنَّ بِهِ عَلَيْكُمْ مِنَ النَّصْرِ عَلَى أَعْدَائِكُمْ، وَإِظْهَارِ دِينِكُمْ، وَلِمَا هَدَاكُمْ لَهُ مِنَ الْحَقِّ الَّذِي ضَلَّ عَنْهُ مُخَالِفُوكُمْ
كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: {§وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} [آل عمران: 123] يَقُولُ: وَأَنْتُمْ أَقَلُّ عَدَدًا، وَأَضْعَفُ قُوَّةً {فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ -[17]- تَشْكُرُونَ} [آل عمران: 123] أَيْ فَاتَّقُونِ، فَإِنَّهُ شُكْرُ نِعْمَتِي " وَاخْتُلِفَ فِي الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ سُمِّيَ بَدْرٌ بَدْرًا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَاءً لِرَجُلٍ يُسَمَّى بَدْرًا، فَسُمِّيَ بِاسْمِ صَاحِبِهِ
الصفحة 16