كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 6)
فَيَجْعَلُهَا إِلَى قَابِلٍ مِائَتَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ جَعَلَهَا أَرْبَعَمِائَةٍ، يُضْعِفُهَا لَهُ كُلَّ سَنَةٍ، أَوْ يَقْضِيهِ، قَالَ: فَهَذَا قَوْلُهُ: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران: 130] " وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [البقرة: 189] فَإِنَّهُ يَعْنِي: وَاتَّقُوا اللَّهَ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ فِي أَمْرِ الرِّبَا فَلَا تَأْكُلُوهُ، وَفِي غَيْرِهِ مِمَّا أَمَرَكُمْ بِهِ، أَوْ نَهَاكُمْ عَنْهُ، وَأَطِيعُوهُ فِيهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، يَقُولُ: لِتَنْجَحُوا فَتَنْجُوا مِنْ عِقَابِهِ، وَتُدْرِكُوا مَا رَغَّبَكُمْ فِيهِ مِنْ ثَوَابِهِ، وَالْخُلُودِ فِي جِنَانِهِ
كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: {§وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [البقرة: 189] «أَيْ فَأَطِيعُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ أَنْ تَنْجُوا مِمَّا حَذَّرَكُمْ مِنْ عَذَابِهِ، وَتُدْرِكُوا مَا رَغَّبَكُمْ فِيهِ مِنْ ثَوَابِهِ»
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [آل عمران: 131] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِلْمُؤْمِنِينَ: وَاتَّقُوا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ النَّارَ أَنْ تَصْلَوْهَا بِأَكْلِكُمُ الرِّبَا بَعْدَ نَهْيِي إِيَّاكُمْ عَنْهُ الَّتِي أَعْدَدْتُهَا لِمَنْ كَفَرَ بِي، فَتَدْخُلُوا مَدَاخِلَهُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ بِي بِخِلَافِكُمْ أَمْرِي، وَتَرْكِكُمْ طَاعَتِي
كَمَا: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: {§وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [آل عمران: 131] «الَّتِي جُعِلَتْ دَارًا لِمَنْ كَفَرَ بِي»
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [آل عمران: 132] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثناؤُهُ: وَأَطِيعُوا اللَّهَ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ فِيمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ مِنْ أَكْلِ الرِّبَا -[52]- وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَشْيَاءِ، وَفِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ الرَّسُولُ يَقُولُ: أَطِيعُوا الرَّسُولَ أَيْضًا كَذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ، يَقُولُ: لِتُرْحَمُوا فَلَا تُعَذَّبُوا. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ مُعَاتَبَةٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ خَالَفُوا أَمْرَهُ يَوْمَ أُحُدٍ، فَأَخَلُّوا بِمَرَاكِزِهِمُ الَّتِي أُمِرُوا بِالثَّبَاتِ عَلَيْهَا
الصفحة 51