كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 6)
قَوْلِهِ: {§لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} [النساء: 32] قَالَ: «فِي الْمِيرَاثِ كَانُوا لَا يُوَرِّثُونَ النِّسَاءَ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ قَوْلُ مَنْ قَالَ مَعْنَاهُ: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِنْ ثَوَابِ اللَّهِ وَعِقَابِهِ مِمَّا اكْتَسَبُوا , فَعَمِلُوهُ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ , وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ مِنْ ذَلِكَ كَمَا لِلرِّجَالِ وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ أَوْلَى بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ تَأْوِيلُهُ: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِنَ الْمِيرَاثِ , وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِنْهُ , لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَخْبَرَ أَنَّ لِكُلَّ فَرِيقٍ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ نَصِيبًا مِمَّا اكْتَسَبَ , وَلَيْسَ الْمِيرَاثُ مِمَّا اكْتَسَبَهُ الْوَارِثُ , وَإِنَّمَا هُوَ مَالٌ أَوْرَثَهُ اللَّهُ عَنْ مَيِّتِهِ بِغَيْرِ اكْتِسَابٍ , وَإِنَّمَا الْكَسْبُ الْعَمَلُ , وَالْمُكْتَسِبُ: الْمُحْتَرِفُ , فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْآيَةِ , وَقَدْ قَالَ اللَّهُ: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} [النساء: 32] لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا وَرِثُوا , وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا وَرَثْنَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَقِيلَ: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا لَمْ يَكْتَسِبُوا , وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا لَمْ يَكْتَسِبْنَ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 32] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ عَوْنِهِ وَتَوْفِيقِهِ لِلْعَمَلِ بِمَا يُرْضِيهِ عَنْكُمْ مِنْ طَاعَتِهِ , فَفَضْلُهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: تَوْفِيقُهُ وَمَعُونَتُهُ. كَمَا:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الرَّازِيُّ , قَالَ: ثنا أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ , قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ , عَنْ أَشْعَثَ , عَنْ سَعِيدٍ: {§وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 32] قَالَ: «الْعِبَادَةُ لَيْسَتْ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا»
الصفحة 669