 
	    كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 6)
قِرَاءَةِ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَفِي دَلَالَةِ قَوْلِهِ: {أَيْمَانُكُمْ} [البقرة: 225] عَلَى أَنَّهَا أَيْمَانُ الْعَاقِدِينَ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِمُ الْحَلِفُ , مُسْتَغْنًى عَنِ الدَّلَالَةِ عَلَى ذَلِكَ بِقِرَاءَةِ قَوْلِهِ {عَقَدَتْ} [النساء: 33] , عَاقَدَتْ , وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِينَ قَرَءُوا ذَلِكَ: عَاقَدَتْ , قَالُوا: لَا يَكُونُ عَقْدُ الْحَلِفِ إِلَّا مِنْ فَرِيقَيْنِ , وَلَا بُدَّ لَنَا مِنْ دَلَالَةٍ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَأَغْفَلُوا مَوْضِعَ دَلَالَةِ قَوْلِهِ: {أَيْمَانُكُمْ} [البقرة: 225] عَلَى أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ: أَيْمَانُكُمْ وَأَيْمَانُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِمْ , وَأَنَّ الْعَقْدَ إِنَّمَا هُوَ صِفَةٌ لِلْإِيمَانِ دُونَ الْعَاقِدِينَ الْحَلِفَ , حَتَّى زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ إِذَا قُرِئَ: {عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 33] فَالْكَلَامُ مُحْتَاجٌ إِلَى ضَمِيرِ صِلَةٍ فِي الْكَلَامِ حَتَّى يَكُونَ الْكَلَامُ مَعْنَاهُ: وَالَّذِينَ عَقَدَتْ لَهُمْ أَيْمَانُكُمْ ذَهَابًا مِنْهُ عَنِ الْوَجْهِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ مِنْ أَنَّ الْأَيمَانَ مَعْنِيُّ بِهَا أَيْمَانَ الْفَرِيقَيْنِ وَأَمَّا عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ , فَإِنَّهُ فِي تَأْوِيلِ: عَاقَدَتْ أَيْمَانُ هَؤُلَاءِ أَيْمَانَ هَؤُلَاءِ الْحَلِفَ , فَهُمَا مُتَقَارِبَانِ فِي الْمَعْنَى , وَإِنْ كَانَتْ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ ذَلِكَ: {عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 33] بِغَيْرِ أَلْفٍ , أَصَحَّ مَعْنًى مِنْ قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَهُ: عَاقَدَتْ؛ لِلَّذِي ذَكَرْنَا مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى الْمَعْنِيِّ فِي صِفَةِ الْأَيمَانِ بِالْعَقْدِ عَلَى أَنَّهَا أَيْمَانُ الْفَرِيقَيْنِ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى ذَلِكَ بِغَيْرِهِ
الصفحة 674