كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 6)

وَأَمَّا مَعْنَى قَوْلِهِ: {عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 33] فَإِنَّهُ وَصَلَتْ وَشَدَّتْ وَوَكَّدَتْ أَيْمَانُكُمْ , يَعْنِي: مَوَاثِيقَكُمُ الَّتِي وَاثَقَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا , فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ. ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى النَّصِيبِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ أَهْلَ الْحَلِفِ أَنْ يُؤْتِيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الْإِسْلَامِ , فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ نَصِيبُهُ مِنَ الْمِيرَاثِ لِأَنَّهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَتَوَارَثُونَ , فَأَوْجَبَ اللَّهُ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ بِذَلِكَ الْحَلِفَ , وَبِمِثْلِهِ فِي الْإِسْلَامِ مِنَ الْمُوَارَثَةِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ لَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ , ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِمَا فَرَضَ مِنَ الْفَرَائِضِ لِذَوِي الْأَرْحَامِ وَالْقَرَابَاتِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ , قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ , عَنِ الْحَسَنِ بْنِ وَاقِدٍ , عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ , عَنْ عِكْرِمَةَ , وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ , فِي قَوْلِهِ: (§وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا) . قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يُحَالِفُ الرَّجُلَ , لَيْسَ بَيْنَهُمَا نَسَبٌ , فَيَرِثُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ , فَنَسَخَ اللَّهُ ذَلِكَ فِي الْأَنْفَالِ , فَقَالَ: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأحزاب: 6] "
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ , قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ , قَالَ: ثنا شُعْبَةُ , عَنْ أَبِي بِشْرٍ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , فِي قَوْلِ اللَّهِ: (§وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ) . قَالَ: «كَانَ الرَّجُلُ يُعَاقِدُ الرَّجُلَ فَيَرِثُهُ , وَعَاقَدَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَوْلًى فَوَرَّثَهُ»

الصفحة 675