كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 6)

حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي زَائِدَةَ , قَالَ: ثنا حَجَّاجٌ , قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: سَأَلْتُ عَطَاءً , عَنْ قَوْلِهِ: {§بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء: 34] قَالَ: " يَقُولُ: حَفِظَهُنَّ اللَّهُ "
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ: ثنا حَبَّانُ بْنُ مُوسَى , قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ , قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ , يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {§بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء: 34] قَالَ: «بِحِفْظِ اللَّهِ إِيَّاهَا أَنَّهُ جَعَلَهَا كَذَلِكَ» وَقَرَأَ ذَلِكَ أَبُو جَعْفَرٍ يَزِيدُ بْنُ الْقَعْقَاعِ الْمَدَنِيُّ: «بِمَا حَفِظَ اللَّهَ» يَعْنِي: بِحِفْظِهِنَّ اللَّهَ فِي طَاعَتِهِ , وَأَدَاءِ حَقِّهِ بِمَا أَمَرَهُنَّ مِنْ حِفْظِ غَيْبِ أَزْوَاجِهِنَّ , كَقَوْلِ الرَّجُلِ لِلرَّجُلِ: مَا حَفِظْتَ اللَّهَ فِي كَذَا وَكَذَا , بِمَعْنَى: رَاقَبْتَهُ وَلَاحَظْتَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ مَا جَاءَتْ بِهِ قِرَاءَةُ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْقِرَاءَةِ مَجِيئًا يَقْطَعُ عُذْرَ مَنْ بَلَغَهُ وَيُثْبِتُ عَلَيْهِ حُجَّتَهُ , دُونَ مَا انْفَرَدَ بِهِ أَبُو جَعْفَرٍ -[695]- فَشَذَّ عَنْهُمْ , وَتِلْكَ الْقِرَاءَةُ تَرْفَعُ اسْمَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء: 34] مَعَ صِحَّةِ ذَلِكَ فِي الْعَرَبِيَّةِ وَكَلَامِ الْعَرَبِ , وَقُبْحُ نَصْبِهِ فِي الْعَرَبِيَّةِ لِخُرُوجِهِ عَنِ الْمَعْرُوفِ مِنْ مَنْطِقِ الْعَرَبِ. وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ لَا تَحْذِفُ الْفَاعِلَ مَعَ الْمَصَادِرِ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْفَاعِلَ إِذَا حُذِفَ مَعَهَا لَمْ يَكُنْ لِلْفِعْلِ صَاحِبٌ مَعْرُوفٌ. وَفِي الْكَلَامِ مَتْرُوكٌ اسْتَغْنَى بِدَلَالَةِ الظَّاهِرِ مِنَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ مِنْ ذِكْرِهِ وَمَعْنَاهُ: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء: 34] فَأَحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ وَأَصْلِحُوا , وَكَذَلِكَ هُوَ فِيمَا ذُكِرَ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ

الصفحة 694