كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 6)
وَإِذْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ الْفُرْقَةُ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ بِغَيْرِ رِضَا الزَّوْجِ , وَلَا أَخْذُ مَالٍ مِنَ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ رِضَاهَا بِإِعْطَائِهِ , إِلَّا بِحُجَّةٍ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهَا مِنْ أَصْلٍ أَوْ قِيَاسٍ. وَإِنْ بَعَثَ الْحَكَمَيْنِ السُّلْطَانُ , فَلَا يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يَحْكُمَا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِفُرْقَةٍ إِلَّا بِتَوْكِيلِ الزَّوْجِ إِيَّاهُمَا بِذَلِكَ , وَلَا لَهُمَا أَنْ يَحْكُمَا بِأَخْذِ مَالٍ مِنَ الْمَرْأَةِ إِلَّا بِرِضَا الْمَرْأَةِ؛ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا قَدْ بَيَّنَّاهُ قَبْلُ مِنْ فِعْلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِذَلِكَ وَالْقَائِلِينَ بِقَوْلِهِ , وَلَكِنْ لَهُمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ , وَيَتَعَرَّفَا الظَّالِمَ مِنْهُمَا مِنَ الْمَظْلُومِ لِيَشْهَدَا عَلَيْهِ إِنِ احْتَاجَ الْمَظْلُومُ مِنْهُمَا إِلَى شَهَادَتِهِمَا. وَإِنَّمَا قُلْنَا: لَيْسَ لَهُمَا التَّفْرِيقُ لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا آنِفًا , وَإِنَّمَا يَبْعَثُ السُّلْطَانُ الْحَكَمَيْنِ إِذَا بَعَثَهُمَا إِذَا ارْتَفَعَ إِلَيْهِ الزَّوْجَانِ , فَشَكَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ , وَأَشْكَلَ عَلَيْهِ الْمُحِقُّ مِنْهُمَا مِنَ الْمُبْطِلِ , لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يُشْكِلِ الْمُحِقُّ مِنَ الْمُبْطِلِ , فَلَا وَجْهَ لَبَعْثِهِ الْحَكَمَيْنِ فِي أَمْرٍ قَدْ عُرِفَ الْحُكْمُ فِيهِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35] يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا} [النساء: 35] إِنْ يُرِدَ الْحَكَمَانِ إِصْلَاحًا بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ , أَعْنِي بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ الْمَخُوفِ شِقَاقُ بَيْنِهِمَا , يَقُولُ: يُوَفِّقُ اللَّهُ بَيْنَ الْحَكَمَيْنِ , فَيَتَّفِقَا عَلَى الْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمَا , وَذَلِكَ إِذَا صَدَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا أَفْضَى إِلَيْهِ مِنْ بَعْثٍ لِلنَّظَرِ فِي أَمْرِ الزَّوْجَيْنِ وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
الصفحة 729
744