كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 7)

يَعْنِي: جَزَاؤُهُ فِي الدُّنْيَا مِنْهَا وَثَوَابُهُ فِيهَا , هُوَ مَا يُصِيبُ مِنَ الْمَغْنَمِ إِذَا شَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ مَشْهَدًا , وَأَمَّنَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَمَالِهِ , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. وَأَمَّا ثَوَابُهُ فِي الْآخِرَةِ فَنَارُ جَهَنَّمَ. فَمَعْنَى الْآيَةِ: مَنْ كَانَ مِنَ الْعَامِلِينَ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْمُنَافِقِينَ يُرِيدُ بِعَمَلِهِ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَجَزَاءَهَا مِنْ عَمَلِهِ , فَإِنَّ اللَّهَ مُجَازِيهِ جَزَاءَهُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الدُّنْيَا , وَجَزَاءَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْعِقَابِ وَالنَّكَالِ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ , وَهُوَ مَالِكٌ جَمِيعَهُ , كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود: 16] . وَإِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الَّذِينَ سَعَوْا فِي أَمْرِ بَنِي أُبَيْرِقٍ , وَالَّذِينَ وَصَفَهُمْ فِي قَوْلِهِ: {وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} [النساء: 107] وَمَنْ كَانَ مِنْ نُظَرَائِهِمْ فِي أَفْعَالِهِمْ وَنِفَاقِهِمْ. وَقَوْلُهُ: {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 134] يَعْنِي: وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا لِمَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ ثَوَابَ الدُّنْيَا بِأَعْمَالِهِمْ , وَإِظْهَارِهِمْ لِلْمُؤْمِنِينَ مَا يُظْهِرُونَ لَهُمْ إِذَا لَقُوا الْمُؤْمِنِينَ وَقَوْلِهِمْ لَهُمْ آمَنَّا. {بَصِيرًا} [النساء: 58] يَعْنِي: وَكَانَ ذَا بَصَرٍ بِهِمْ وَبِمَا

الصفحة 583