كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 7)

الْقِيَامُ لَهُ بِهَا. فتُغَيِّرُوهَا , وَتُبَدِّلُوا , أَوْ تُعْرِضُوا عَنْهَا , فَتَتْرُكُوا الْقِيَامَ لَهُ بِهَا , كَمَا يَلْوِي الرَّجُلُ دَيْنَ الرَّجُلِ , فَيُدَافِعُهَ بِأَدَائِهِ إِلَيْهِ عَلَى مَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ لَهُ مَطْلًا مِنْهُ لَهُ , كَمَا قَالَ الْأَعْشَى:
[البحر الكامل]
يَلْوِينَنِي دَيْنِي النَّهَارَ وَأَقْتَضِي ... دَيْنِي إِذَا وَقَذَ النُّعَاسُ الرُّقَّدَا
وَأَمَّا تَأْوِيلُ قَوْلِهِ: {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: 128] فَإِنَّهُ أَرَادَ: فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ مِنْ إِقَامَتِكُمُ الشَّهَادَةَ وَتَحْرِيفِكُمْ إِيَّاهَا وَإِعْرَاضِكُمْ عَنْهَا بِكِتْمَانِكُمُوهَا , خَبِيرًا , يَعْنِي: ذَا خِبْرَةٍ وَعِلْمٍ بِهِ , يَحْفَظُ ذَلِكَ مِنْكُمْ عَلَيْكُمْ حَتَّى يُجَازِيَكُمْ بِهِ جَزَاءَكُمْ فِي الْآخِرَةِ , الْمُحْسِنَ مِنْكُمْ بِإِحْسَانِهِ , وَالْمُسِيءَ بِإِسَاءَتِهِ , يَقُولُ: فَاتَّقُوا رَبَّكُمْ فِي ذَلِكَ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء: 136] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: 104] بِمَنْ قَبْلَ مُحَمَّدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ , وَصَدَّقُوا بِمَا جَاءُوهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [النساء: 136] يَقُولُ: " صَدِّقُوا بِاللَّهِ , وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولِهِ , أَنَّهُ لِلَّهِ رَسُولٌ مُرْسَلٌ إِلَيْكُمْ وَإِلَى سَائِرِ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ. {وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ} [النساء: 136] يَقُولُ: وَصَدَّقُوا بِمَا جَاءَكُمْ بِهِ مُحَمَّدٌ مِنَ الْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ , وَذَلِكَ الْقُرْآنُ. {وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ} [النساء: 136] يَقُولُ: " وَآمِنُوا بِالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ قَبْلِ الْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ.

الصفحة 594