كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 7)
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَمَا وَجْهُ دُعَاءِ هَؤُلَاءِ إِلَى الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَكُتُبِهِ وَقَدْ سَمَّاهُمْ مُؤْمِنِينَ؟ قِيلَ: إِنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَمْ يُسَمِّهِمْ مُؤْمِنِينَ , وَإِنَّمَا وَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا , وَذَلِكَ وَصْفٌ لَهُمْ بِخُصُوصٍ مِنَ التَّصْدِيقِ , وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا صِنْفَيْنِ: أَهْلَ تَوْرَاةٍ مُصَدِّقِينَ بِهَا وَبِمَنْ جَاءَ بِهَا , وَهُمْ مُكَذِّبُونَ بِالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَعِيسَى وَمُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا؛ وَصِنْفٌ أَهْلُ إِنْجِيلٍ وَهُمْ مُصَدَّقُونَ بِهِ وَبِالتَّوْرَاةِ وَسَائِرِ الْكُتُبِ , مُكَذِّبُونَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْفُرْقَانِ. فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَهُمْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: 104] يَعْنِي: بِمَا هُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ مِنَ الْكُتُبِ وَالرُّسُلِ {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [النساء: 136] مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , {وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ} [النساء: 136] فَإِنَّكُمْ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ تَجِدُونَ صِفَتَهُ فِي كُتُبِكُمْ {وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ} [النساء: 136] الَّذِي تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ , فَإِنَّكُمْ لَنْ تَكُونُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ وَأَنْتُمْ بِمُحَمَّدٍ مُكَذِّبُونَ , لِأَنَّ كِتَابَكُمْ يَأْمُرُكُمْ بِالتَّصْدِيقِ بِهِ وَبِمَا جَاءَكُمْ بِهِ , فَآمِنُوا بِكِتَابِكُمْ فِي اتِّبَاعِكُمْ مُحَمَّدًا , وَإِلَّا فَأَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ. فهَذَا وَجْهُ أَمْرِهِمْ بِالْإِيمَانِ بِمَا أَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِهِ , بَعْدَ أَنْ وَصَفَهُمْ بِمَا وَصَفَهُمْ بِقَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الدِّينُ آمَنُوا} وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [النساء: 136] فَإِنَّ مَعْنَاهُ: وَمَنْ يَكْفُرْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَجْحَدْ نُبُوَّتَهُ , فَهُوَ يَكْفُرُ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ , لِأَنَّ جُحُودَ
الصفحة 595