كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 7)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ , قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ , قَالَ: ثنا سُفْيَانُ , عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ: {§ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا} [آل عمران: 90] قَالَ: «مَاتُوا»
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ , قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ , قَالَ: ثنا سُفْيَانُ , عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {§ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا} [آل عمران: 90] قَالَ: «حَتَّى مَاتُوا»
حَدَّثَنَا يُونُسُ , قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ , قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: {§إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا} [النساء: 137] الْآيَةُ , قَالَ: هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ آمَنُوا مَرَّتَيْنِ , وَكَفَرُوا مَرَّتَيْنِ , ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا بَعْدَ ذَلِكَ " وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هُمْ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ: التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ , أَتَوْا ذَنُوبًا فِي كُفْرِهِمْ فَتَابُوا , فَلَمْ تُقْبَلْ مِنْهُمُ التَّوْبَةُ فِيهَا مَعَ إِقَامَتِهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ , قَالَ: ثنا أَبُو خَالِدِ , عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ , عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ: {§إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا} [النساء: 137] قَالَ: «هُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى أَذْنَبُوا فِي شِرْكِهِمْ , ثُمَّ تَابُوا فَلَمْ تُقْبَلْ تَوْبَتُهُمْ , وَلَوْ تَابُوا مِنَ الشِّرْكِ لَقُبِلَ مِنْهُمْ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: عُنِيَ بِذَلِكَ أَهْلُ -[599]- الْكِتَابِ الَّذِينَ أَقَرُّوا بِحُكْمِ التَّوْرَاةِ , ثُمَّ كَذَّبُوا بِخِلَافِهِمْ إِيَّاهُ , ثُمَّ أَقَرَّ مَنْ أَقَرَّ مِنْهُمْ بِعِيسَى وَالْإِنْجِيلِ , ثُمَّ كَذَّبَ بِهِ بِخِلَافِهِ إِيَّاهُ , ثُمَّ كَذَّبَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْفُرْقَانِ , فَازْدَادَ بِتَكْذِيبِهِ بِهِ كُفْرًا عَلَى كُفْرِهِ وَإِنَّمَا قُلْنَا: ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ , لِأَنَّ الْآيَةَ قَبْلَهَا فِي قَصَصِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ , أَعْنِي قَوْلَهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [النساء: 136] وَلَا دَلَالَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا} [النساء: 137] مُنْقَطِعٌ مَعْنَاهُ مِنْ مَعْنَى مَا قَبْلَهُ , فَإِلْحَاقُهُ بِمَا قَبْلَهُ أَوْلَى حَتَّى تَأْتِيَ دَلَالَةٌ دَالَّةٌ عَلَى انْقِطَاعِهِ مِنْهُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} [النساء: 137] فَإِنَّهُ يَعْنِي: لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَسْتُرَ عَلَيْهِمْ كُفْرَهُمْ وَذُنُوبَهُمْ بِعَفْوِهِ عَنِ الْعُقُوبَةِ لَهُمْ عَلَيْهِ , وَلَكِنَّهُ يِفْضَحُهُمْ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ. {وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا} [النساء: 137] يَقُولُ: " وَلَمْ يَكُنْ لِيُسَدِّدَهُمْ لِإِصَابَةِ طَرِيقِ الْحَقِّ فَيُوَفِّقَهُمْ لَهَا , وَلَكِنَّهُ يَخْذُلُهُمْ عَنْهَا عُقُوبَةً لَهُمْ عَلَى عَظِيمِ جُرْمِهِمْ وَجَرَاءَتِهِمْ عَلَى رَبِّهِمْ. وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْمُرْتَدَّ يُسْتَتَابُ ثَلَاثًا انْتِزَاعًا مِنْهُمْ بِهَذِهِ الْآيَةِ , وَخَالَفَهُمْ عَلَى ذَلِكَ آخَرُونَ
الصفحة 598