كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 7)
اسْتُعِزَّ عَلَى الْمَرِيضِ: إِذَا اشْتَدَّ مَرَضُهُ وَكَادَ يَشْفَى , وَيُقَالَ: تَعَزَّزَ اللَّحْمُ: إِذَا اشْتَدَّ؛ وَمِنْهُ قِيلَ: عَزَّ عَلَيَّ أَنْ يَكُونَ كَذَا وَكَذَا , بِمَعْنَى: اشْتَدَّ عَلَيَّ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَدْ نُزِّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكَفِّرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مَثَلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} [النساء: 140] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونَ الْمُؤْمِنِينَ. {وَقَدْ نُزِّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ} [النساء: 140] يَقُولُ: " أُخْبِرَ مَنِ اتَّخَذَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ الْكُفَّارِ أَنْصَارًا وَأَوْلِيَاءَ بَعْدَمَا نَزَلَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْقُرْآنِ {أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} [النساء: 140] يَعْنِي: بَعْدَمَا عَلِمُوا نَهْيَ اللَّهِ عَنْ مُجَالَسَةِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِحُجَجِ اللَّهِ وَآيِ كِتَابِهِ , وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهَا {حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} [النساء: 140] يَعْنِي بِقَوْلِهِ: {يَخُوضُوا} [النساء: 140] يَتَحَدَّثُوا حَدِيثًا غَيْرَهُ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا. وَقَوْلُهُ: {إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} [النساء: 140] يَعْنِي: وَقَدْ نُزِّلَ عَلَيْكُمْ أَنَّكُمْ إِنْ جَالَسْتُمْ مَنْ يَكْفُرُ بِآيَاتِ اللَّهِ , وَيَسْتَهْزِئُ بِهَا وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ فَأَنْتُمْ مِثْلُهُ , يَعْنِي: فَأَنْتُمْ إِنْ لَمْ تَقُومُوا عَنْهُمْ فِي تِلْكَ الْحَالِ مَثَلُهُمْ فِي فِعْلِهِمْ , لِأَنَّكُمْ قَدْ عَصَيْتُمُ اللَّهَ بِجُلُوسِكُمْ مَعَهُمْ , وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا , كَمَا عَصَوْهُ بِاسْتِهْزَائِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ , فَقَدْ أَتَيْتُمْ مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ نَحْوَ الَّذِي أَتَوْهُ مِنْهَا , فَأَنْتُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ فِي رُكُوبِكُمْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ , وَإِتْيَانِكُمْ مَا نَهَاكُمُ اللَّهُ عَنْهُ.
الصفحة 602