كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 7)

مُوَالَاةِ أَعْدَائِهِ. يَقُولُ لَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ , لَا تُوَالُوا الْكُفَّارَ فَتُؤَازِرُوهُمْ مِنْ دُونِ أَهْلِ مِلَّتِكُمْ وَدِينِكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ , فَتَكُونُوا كَمَنْ أَوْجَبَ لَهُ النَّارَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ. ثُمَّ قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مُتَوَعِّدًا مَنِ اتَّخَذَ مِنْهُمُ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ هُوَ لَمْ يَرْتَدِعْ عَنْ مُوَالَاتِهِ وَيَنْزَجِرْ عَنْ مُخَالَفَتِهِ أَنْ يَلْحَقَهُ بِأَهْلِ وَلَايَتِهِمْ مِنَ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ أَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَبْشِيرِهِمْ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا: أَتُرِيدُونَ أَيُّهَا الْمُتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ , مِمَّنْ قَدْ آمَنَ بِي وَبِرَسُولِي أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا , يَقُولُ: حُجَّةً بِاتِّخَاذِكُمُ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ , فَتَسْتَوْجِبُوا مِنْهُ مَا اسْتَوْجَبَهُ أَهْلُ النِّفَاقِ الَّذِينَ وَصَفَ لَكُمْ صِفَتَهُمْ وَأَخْبَرَكُمْ بِمَحِلِّهِمْ عِنْدَهُ {مُبِينًا} [النساء: 20] يَعْنِي: عَنْ صِحَّتِهَا وَحَقِّيَتِهَا , يَقُولُ: لَا تَعَرَّضُوا لِغَضَبِ اللَّهِ بِإِيجَابِكُمُ الْحُجَّةَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ فِي تَقَدُّمِكُمْ عَلَى مَا نَهَاكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ مُوَالَاةِ أَعْدَائِهِ وَأَهْلِ الْكُفْرِ بِهِ. وَبِمِثْلِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ , قَالَ: ثنا يَزِيدُ , قَالَ: ثنا سَعِيدٌ , عَنْ قَتَادَةَ: {§يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا} [النساء: 144] قَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ السُّلْطَانَ عَلَى خَلْقِهِ , وَلَكِنَّهُ يَقُولُ عُذْرًا مُبِينًا»

الصفحة 618