كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 7)

وَصَفَ صِفَتَهُمْ مِنَ الْمُنَافِقِينَ بَعْدَ تَوْبَتِهِمْ وَإِصْلَاحِهِمْ وَاعْتِصَامِهِمْ بِاللَّهِ وَإِخْلَاصِهِمْ لَهُ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْجَنَّةِ , لَا مَعَ الْمُنَافِقِينَ الَّذِي مَاتُوا عَلَى نِفَاقِهِمْ , الَّذِي أَوْعَدَهُمُ الدَّرَكَ الْأَسْفَلَ مِنَ النَّارِ ثُمَّ قَالَ: {وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 146] يَقُولُ: " وَسَوْفَ يُعْطِي اللَّهُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هَذِهِ صِفَتُهُمْ عَلَى تَوْبَتِهِمْ وَإِصْلَاحِهِمْ وَاعْتِصَامِهِمْ بِاللَّهِ وَإِخْلَاصِهِمْ دِينَهُمْ لَهُ عَلَى إِيمَانِهِمْ , ثَوَابًا عَظِيمًا , وَذَلِكَ دَرَجَاتٌ فِي الْجَنَّةِ , كَمَا أَعْطَى الَّذِينَ مَاتُوا عَلَى النِّفَاقِ مَنَازِلَ فِي النَّارِ , وَهِيَ السُّفْلَى مِنْهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَعَدَ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُؤْتِيَهُمْ عَلَى إِيمَانِهِمْ ذَلِكَ , كَمَا أَوْعَدَ الْمُنَافِقِينَ عَلَى نِفَاقِهِمْ مَا ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ. وَهَذَا الْقَوْلُ , هُوَ مَعْنَى قَوْلِ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ الَّذِي:
حَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ حُمَيْدٍ , وَابْنُ وَكِيعٍ , قَالَا: ثنا جَرِيرٌ , عَنْ مُغِيرَةَ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ , قَالَ حُذَيْفَةُ: لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ قَوْمٌ كَانُوا مُنَافِقِينَ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَمَا عِلْمُكَ بِذَلِكَ؟ فَغَضِبَ حُذَيْفَةُ , ثُمَّ قَامَ فَتَنَحَّى , فَلَمَّا تَفَرَّقُوا مَرَّ بِهِ عَلْقَمَةُ فَدَعَاهُ , فَقَالَ: أَمَا إِنَّ صَاحِبَكَ يَعْلَمُ الَّذِي قُلْتُ , ثُمَّ قَرَأَ {§إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 146]
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا} [النساء: 147] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ} [النساء: 147] مَا يَصْنَعُ اللَّهُ أَيُّهَا الْمُنَافِقُونَ بِعَذَابِكُمْ , إِنْ أَنْتُمْ تُبْتُمْ إِلَى اللَّهِ

الصفحة 623