كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 7)

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ , قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ , قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ , عَنِ السُّدِّيِّ: {§لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [النساء: 148] يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ , وَلَكِنْ مَنْ ظُلِمَ فَانْتَصَرَ بِمِثْلِ مَا ظُلِمَ , فَلَيْسَ عَلَيْهِ جُنَاحٌ» فَـ «مَنْ» عَلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا سِوَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى انْقِطَاعِهِ مِنَ الْأَوَّلِ , وَالْعَرَبُ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَنْصِبَ مَا بَعْدَ إِلَّا فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ؛ فَكَانَ مَعْنَى الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ سِوَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ , وَلَكِنْ مَنْ ظُلِمَ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَ بِمَا نِيلَ مِنْهُ أَوْ يَنْتَصِرَ مِمَّنْ ظَلَمَهُ. وَقَرَأَ ذَلِكَ آخَرُونَ بِفَتْحِ الظاءِ: (إِلَّا مَنْ ظَلَمَ) وَتَأَوَّلُوهُ: لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ , إِلَّا مَنْ ظَلَمَ , فَلَا بَأْسَ أَنْ يُجْهَرَ لَهُ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ , قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ , قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: كَانَ أَبِي يَقْرَأُ: «§لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ» قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: يَقُولُ: " إِلَّا مَنْ أَقَامَ عَلَى ذَلِكَ النِّفَاقِ فَيُجْهَرُ لَهُ بِالسُّوءِ حَتَّى يَنْزِعَ. قَالَ: وَهَذِهِ مِثْلُ: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ} [الحجرات: 11] أَنْ تُسَمِّيَهُ بِالْفِسْقِ {بَعْدَ الْإِيمَانِ} [الحجرات: 11]-[631]- بَعْدَ إِذْ كَانَ مُؤْمِنًا {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ} [الحجرات: 11] مِنْ ذَلِكَ الْعَمَلِ الَّذِي قِيلَ لَهُ {فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: 229] قَالَ: «هُوَ أَشَرُّ مِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ لَهُ»

الصفحة 630