كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 7)

الْكُتُبِ وَكَذَّبُوا بِبَعْضِِ فَكَانَ تَصْدِيقُهُمْ بِمََا صَدَّقُوا بِهِ قَلِيْلًا لِأَنَّهُمْ وَإِنْ صَدَّقُوا بِهِ مِنْ وَجْهٍ، فَهُمْ بِهِ مُكَذِّبُونَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. وَذَلِكَ مِنْ وَجْهِ تَكْذِيبِهِمْ مَنْ كَذَّبُوا بِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَمَا جَاءُوا بِهِ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ وَرُسُلِ اللَّهِ يُصَدِّقُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَبِذَلِكَ أَمَرَ كُلُّ نَبِيٍّ أُمَّتَهُ، وَكَذِلِكَ كَتَبَ اللَّهُ يُصَدِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَيُحِقْقُ بَعْضٌ بَعْضًا، فَالْمُكَذِّبُ بِبِعْضِهَا مُكَذِّبٌ بِجَمِيعِهَا مِنْ جِهَةِ جُحُودِهِ مَا صَدَّقَهُ الْكِتَابُ الَّذِي يُقِرُّ بِصِحَّتِهِ فَلِذَلِكَ صَارَ إِيمَانُهُمْ بِمَا آمَنُوا مِنْ ذَلِكَ قَلِيْلًا. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ , قَالَ: ثنا يَزِيدُ , قَالَ: ثنا سَعِيدٌ , عَنْ قَتَادَةَ , فِي قَوْلِهِ: {§فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} [النساء: 155] يَقُولُ: " فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ {وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ} [النساء: 155] «أَيْ لَا نَفْقَهُ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ وَلَعَنَهُمْ حِينَ فَعَلُوا ذَلِكَ» وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ} [النساء: 155] الْآيَةُ , هَلْ هُوَ مُوَاصِلٌ لِمَا قَبْلَهُ مِنَ الْكَلَامِ , أَوْ هُوَ مُنْفَصِلٌ مِنْهُ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مُنْفَصِلٌ مِمَّا قَبْلَهُ , وَمَعْنَاهُ: فَبِنَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ {وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} [النساء: 155] وَلَعَنَهُمْ.

الصفحة 647