كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 7)
عَلَى نَحْوِ مَا رَوَى عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ , عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ , أَنَّ الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ عِيسَى فِي الْبَيْتِ تَفَرَّقُوا عَنْهُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ الْيَهُودُ , وَبَقِيَ عِيسَى , §وَأُلْقِيَ شَبَهُهُ عَلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ فِي الْبَيْتِ بَعْدَ مَا تَفَرَّقَ الْقَوْمُ غَيْرَ عِيسَى وَغَيْرَ الَّذِي أُلْقِيَ عَلَيْهِ شَبَهُهُ , وَرُفِعَ عِيسَى , فَقُتِلَ الَّذِي تَحَوَّلَ فِي صُورَةِ عِيسَى مِنْ أَصْحَابِهِ , وَظَنَّ أَصْحَابُهُ وَالْيَهُودُ أَنَّ الَّذِيَ قُتِلَ وَصُلِبَ هُوَ عِيسَى لَمَّا رَأَوْا مِنْ شَبَهِهِ بِهِ وَخَفَاءِ أَمْرِ عِيسَى عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ رَفْعَهُ وَتَحَوُّلَ الْمَقْتُولِ فِي صُورَتِهِ كَانَ بَعْدَ تَفَرُّقِ أَصْحَابِهِ عَنْهُ , وَقَدْ كَانُوا سَمِعُوا عِيسَى مِنَ اللَّيْلِ يَنْعَى نَفْسَهُ وَيَحْزَنُ لِمَا قَدْ ظَنَّ أَنَّهُ نَازِلٌ بِهِ مِنَ الْمَوْتِ , فَحَكَوْا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ حَقًّا , وَالْأَمْرُ عِنْدَ اللَّهِ فِي الْحَقِيقَةِ بِخِلَافِ مَا حَكَوْا , فَلَمْ يَسْتَحِقَّ الَّذِينَ حَكَوْا ذَلِكَ مِنْ حَوَارِيَّيْهِ أَنْ يَكُونُوا كَذَبَةً , أَوْ حَكَوْا مَا كَانَ حَقًّا عِنْدَهُمْ فِي الظَّاهِرِ وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ عِنْدَ اللَّهِ فِي الْحَقِيقَةِ بِخِلَافِ الَّذِي حَكَوْا "
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا} [النساء: 157] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: {وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ} [النساء: 157] الْيَهُودَ الَّذِينَ أَحَاطُوا بِعِيسَى وَأَصْحَابِهِ حِينَ أَرَادُوا قَتْلَهُ , وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا قَدْ عَرَفُوا عِدَّةَ مَنْ فِي الْبَيْتِ قَبْلَ دُخُولِهِمْ فِيمَا ذُكِرَ؛ فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِمْ , فَقَدُوا وَاحِدًا مِنْهُمْ , فَالْتَبَسَ أَمْرُ عِيسَى عَلَيْهِمْ بِفَقْدِهِمْ وَاحِدًا مِنَ الْعِدَّةَ الَّتِي كَانُوا
الصفحة 660