كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 7)
وَقَدْ بَيَّنَّا كَيْفَ كَانَ رَفْعُ اللَّهِ إِيَّاهُ فِيمَا مَضَى وَذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الْمُخْتَلِفِينَ فِي ذَلِكَ , وَالصَّحِيحُ مِنَ الْقَوْلِ فِيهِ بِالْأَدِلَّةِ الشَّاهِدَةِ عَلَى صِحَّتِهِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: 158] فَإِنَّهُ يَعْنِي: وَلَمْ يَزَلِ اللَّهُ مُنْتَقِمًا مِنْ أَعْدَائِهِ , كَانْتِقَامِهِ مِنَ الَّذِينَ أَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ , وَكَلَعْنِهِ الَّذِينَ قَصَّ قِصَّتَهُمْ بِقَوْلِهِ: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ} [النساء: 155] حَكِيمًا , يَقُولُ: ذَا حِكْمَةٍ فِي تَدْبِيرِهِ وَتَصْرِيفِهِ خَلْقَهُ فِي قَضَائِهِ , يَقُولُ: فَاحْذَرُوا أَيُّهَا السَّائِلُونَ مُحَمَّدًا أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ مِنْ حُلُولِ عُقُوبَتِي بِكُمْ , كَمَا حَلَّ بَأَوَائِلِكُمُ الَّذِينَ فَعَلُوا فِعْلَكُمْ فِي تَكْذِيبِهِمْ رُسُلِي , وَافْتِرَائِهِمْ عَلَى أَوْلِيَائِي. وَقَدْ:
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي سَارَةَ الرُّؤَاسِيُّ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنِ الْمِنْهَالِ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , فِي قَوْلِهِ: {§وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: 158] قَالَ: " مَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّهُ كَذَلِكَ "
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيَؤُمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء: 159]-[664]- اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيَؤُمِنَنَّ بِهِ} [النساء: 159] يَعْنِي بِعِيسَى {قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: 159] يَعْنِي: قَبْلَ مَوْتِ عِيسَى , يُوَجَّهُ ذَلِكَ إِلَى أَنَّ جَمِيعَهُمْ يُصَدِّقُونَ بِهِ إِذَا نَزَلَ لَقَتَلَ الدَّجَّالَ , فَتَصِيرُ الْمِلَلِ كُلُّهَا وَاحِدَةً , وَهِيَ مِلَّةُ الْإِسْلَامِ الْحَنِيفِيَّةُ , دِينُ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الصفحة 663