كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 7)

وَأَصْلُ الْغُلُوِّ فِي كُلِّ شَيْءٍ: مُجَاوَزَةُ حَدِّهِ الَّذِي هُوَ حَدُّهُ , يُقَالَ مِنْهُ فِي الدِّينِ قَدْ غَلَا فَهُوَ يَغْلُو غُلُوًّا , وَغَلَا بِالْجَارِيَةِ عَظْمُهَا وَلَحْمُهَا: إِذَا أَسْرَعَتِ الشَّبَابَ , فَجَاوَزَتْ لِدَاتِهَا , يَغْلُو بِهَا غُلُوًّا وَغَلَاءً؛ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْحَارِثِ بْنِ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيِّ:
[البحر الكامل]
خُمْصَانَةٌ قَلِقٌ مُوَشَّحُهَا ... رُؤْدُ الشَّبَابِ غَلَا بِهَا عَظْمُ
وَقَدْ حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ , قَالَ: ثنا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ الرَّبِيعِ , قَالَ: صَارُوا فَرِيقَيْنِ: " §فَرِيقٌ غَلَوْا فِي الدِّينِ , فَكَانَ غُلُوُّهُمْ فِيهِ: الشَّكَّ فِيهِ وَالرَّغْبَةَ عَنْهُ , وَفَرِيقٌ مِنْهُمْ قَصَرُوا عَنْهُ فَفَسَقُوا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ "
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ} [النساء: 171] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} [النساء: 171] مَا الْمَسِيحُ أَيُّهَا الْغَالُونَ فِي دِينِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ بِابْنِ اللَّهِ كَمَا تَزْعُمُونَ , وَلَكِنَّهُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الْخَلْقِ , لَا نَسَبَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ. ثُمَّ نَعَتَهُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِنَعْتِهِ وَوَصَفَهُ بِصِفَتِهِ , فَقَالَ: هُوَ رَسُولُ اللَّهِ , أَرْسَلَهُ اللَّهُ بِالْحَقِّ إِلَى مَنْ أَرْسَلَهُ إِلَيْهِ مِنْ خَلْقِهِ " وَأَصْلُ الْمَسِيحِ: الْمَمْسُوحُ , صُرِفَ مِنْ مَفْعُولٍ إِلَى فَعِيلٍ , وَسَمَّاهُ اللَّهُ

الصفحة 701