كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 8)
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ , قَالَ: ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ , عَنْ سُفْيَانَ , عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ , عَنْ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَاقَ الْبَوْلَ نُكَلِّمُهُ فَلَا يُكَلِّمُنَا وَنُسَلِّمُ عَلَيْهِ فَلَا يَرُدَّ عَلَيْنَا , حَتَّى يَأْتِيَ مَنْزِلَهُ فَيَتَوَضَّأَ كَوُضُوئِهِ لِلصَّلَاةِ , فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ , نُكَلِّمُكَ فَلَا تُكَلِّمُنَا وَنُسَلِّمُ عَلَيْكَ فَلَا تَرُدَّ عَلَيْنَا. قَالَ: حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الرُّخْصَةِ: {§يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: 6] الْآيَةُ "
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي حَدِّ الْوَجْهِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ بِغُسْلِهِ الْقَائِمَ إِلَى الصَّلَاةِ بِقَوْلِهِ: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مَا ظَهَرَ مِنْ بَشَرَةِ الْأَنْسَانِ مِنْ قِصَاصِ شَعْرِ رَأْسِهِ , مُنْحَدِرًا إِلَى مُنْقَطَعِ ذَقْنِهِ طُولًا , وَمَا بَيْنَ -[165]- الْأُذُنَيْنِ عَرْضًا. قَالُوا: فَأَمَّا الْأُذُنُ وَمَا بَطَنَ مِنْ دَاخِلِ الْفَمِ وَالْأَنْفِ وَالْعَيْنِ فَلَيْسَ مِنَ الْوَجْهِ وَلَا غَيْرِهِ , وَلَا أُحِبُّ غُسْلَ ذَلِكَ وَلَا غُسْلَ شَيْءٍ مِنْهُ فِي الْوُضُوءِ. قَالُوا: وَأَمَّا مَا غَطَّاهُ الشَّعْرُ مِنْهُ كَالذَّقْنِ الَّذِي غَطَّاهُ شَعْرُ اللِّحْيَةِ وَالصُّدْغَيْنِ اللَّذَيْنِ قَدْ غَطَّاهُمَا عُذْرُ اللِّحْيَةِ , فَإِنَّ إِمْرَارَ الْمَاءِ عَلَى مَا عَلَى ذَلِكَ مِنَ الشَّعْرِ مُجْزِئٌ عَنْ غُسْلِ مَا بَطَنَ مِنْهُ مِنْ بَشَرَةِ الْوَجْهِ , لِأَنَّ الْوَجْهَ عِنْدَهُمْ هُوَ مَا ظَهَرَ لَعَيْنِ النَّاظِرِ مِنْ ذَلِكَ فَقَابَلَهَا دُونَ غَيْرِهِ
الصفحة 164