كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 8)

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا جَامِعُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ} [المائدة: 95] الْآيَةَ، قَالَ: كَانَ قَتَادَةُ يَقُولُ: «§يَحْكُمَانِ فِي النَّعَمِ، فَإِنْ كَانَ لَيْسَ صَيْدُهُ مَا يَبْلُغُ ذَلِكَ، نَظَرُوا ثَمَنَهُ فَقَوَّمُوهُ طَعَامًا، ثُمَّ صَامَ مَكَانَ كُلِّ صَاعٍ يَوْمَيْنِ» وَقَالَ آخَرُونَ: لَا مَعْنَى لِلتَّكْفِيرِ بِالْإِطْعَامِ، لِأَنَّ مَنْ وَجَدَ سَبِيلًا إِلَى التَّكْفِيرِ بِالْإِطْعَامِ فَهُوَ وَاجِدٌ إِلَى الْجَزَاءِ بِالْمِثْلِ مِنَ النَّعَمِ سَبِيلًا، وَمَنْ وَجَدَ إِلَى الْجَزَاءِ بِالْمِثْلِ مِنَ النَّعَمِ سَبِيلًا لَمْ يُجْزِهِ التَّكْفِيرُ بِغَيْرِهِ. قَالُوا: وَإِنَّمَا ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ الْكَفَّارَةَ بِالْإِطْعَامِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِيَدُلَّ عَلَى صِفَةِ التَّكْفِيرِ بِالصَّوْمِ، لَا أَنَّهُ جَعَلَ التَّكْفِيرَ بِالْإِطْعَامِ إِحْدَى الْكَفَّارَاتِ الَّتِي يُكَفَّرُ بِهَا قَتْلُ الصَّيْدِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا تَأْوِيلَ ذَلِكَ فِيمَا مَضَى قَبْلُ. وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ عِنْدِي فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95] أَنْ يَكُونَ مُرَادًا بِهِ: فَعَلَى قَاتِلِهِ مُتَعَمِّدًا مِثْلُ الَّذِي قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ لَا الْقِيمَةَ، إِنِ اخْتَارَ أَنْ يَجْزِيَهُ بِالْمِثْلِ مِنَ النَّعَمِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْقِيمَةَ إِنَّمَا هِيَ مِنَ الدَّنَانِيرِ أَوِ الدَّرَاهِمِ، وَالدَّنَانِيرُ، لَيْسَتْ لِلصَّيْدِ بِمِثْلٍ، وَاللَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا أَوْجَبَ الْجَزَاءَ مِثْلًا مِنَ النَّعَمِ.

الصفحة 703