كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 8)
لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُعَاقِبَهُ بِهِ؟ قِيلَ لَهُ: فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا أَنْ يَكُونَ تَأْوِيلُ الْآيَةِ عِنْدَكَ وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِقَوْلِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ، فَمَا يُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ الِانْتِقَامُ الَّذِي أَوْعَدَهُ اللَّهُ عَلَى الْعَوْدِ بَعْدَ الْبَدْءِ، هُوَ تِلْكَ الزِّيَادَةُ الَّتِي عَفَاهَا عَنْهُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ مِمَّا كَانَ لَهُ فِعْلُهُ بِهِ مَعَ الَّذِي أَذَاقَهُ مِنْ وَبَالِ أَمْرِهِ، فَيُذِيقُهُ فِي عَوْدِهِ بَعْدَ الْبَدْءِ وَبَالَ أَمْرِهِ الَّذِي أَذَاقَهُ الْمَرَّةَ الْأُولَى، وَيَتْرُكُ عَفْوَهُ عَمَّا عَفَا عَنْهُ فِي الْبَدْءِ، فَيُؤَاخِذُهُ بِهِ؟ فَلَمْ يَقُلْ فِي ذَلِكَ شَيْئًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْآخَرِ مِثْلَهُ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [آل عمران: 4] يَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ: وَاللَّهُ مَنِيعٌ فِي سُلْطَانِهِ، لَا يَقْهَرُهُ قَاهِرٌ، وَلَا يَمْنَعُهُ مِنَ الِانْتِقَامِ مِمَّنِ انْتَقَمَ مِنْهُ، وَلَا مِنْ عُقُوبَةِ مَنْ أَرَادَ عُقُوبَتَهُ مَانِعٌ، لِأَنَّ الْخَلْقَ خَلْقُهُ، وَالْأَمْرَ أَمْرُهُ، لَهُ الْعِزَّةُ وَالْمَنَعَةُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {ذُو انْتِقَامٍ} [آل عمران: 4] فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ: مُعَاقَبَتَهُ لِمَنْ عَصَاهُ عَلَى مَعْصِيَتِهِ إِيَّاهُ.
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [المائدة: 96] . يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {أُحِلَّ لَكُمْ} [البقرة: 187] أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ {صَيْدُ الْبَحْرِ} [المائدة: 96] ، وَهُوَ مَا صِيدَ طَرِيًّا
كَمَا حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي قَوْلِهِ: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ -[723]- الْبَحْرِ} [المائدة: 96] قَالَ: " §صَيْدُهُ: مَا صِيدَ مِنْهُ "
الصفحة 722