كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 8)
وَالْأَحْكَامِ وَالْفَرَائِضِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَمَا جعْلُ قَوْلِ مَنْ قَالَ: قَدْ نَزَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَرْضٌ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ: لَمْ يَنْزِلْ؟ قِيلَ لِأَنَّ الَّذِي قَالَ لَمْ يَنْزِلْ , مُخْبِرٌ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ نُزُولَ فَرْضٍ , وَالنَّفْي لَا يَكُونُ شَهَادَةً , وَالشَّهَادَةُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: نَزَلَ , وَغَيْرُ جَائِزٍ دَفْعُ خَبَرِ الصَّادِقِ فِيمَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ صَادِقًا
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة: 3] يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِكَ: وَأَتْمَمْتُ نِعْمَتِي أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِإِظْهَارِكُمْ عَلَى عَدُوِّي وَعَدُوِّكُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ , وَنَفْيِي إِيَّاهُمْ عَنْ بِلَادِكُمْ , وَقَطْعِي طَمَعَهُمْ مِنْ رُجُوعِكُمْ , وَعَوْدِكُمْ إِلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الشِّرْكِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ , قَالَ: ثني مُعَاوِيَةُ , عَنْ عَلِيٍّ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ: " كَانَ الْمُشْرِكُونَ وَالْمُسْلِمُونَ يَحُجُّونَ جَمِيعًا , فَلَمَّا نَزَلَتْ بَرَاءَةُ , فَنَفَى الْمُشْرِكِينَ عَنِ الْبَيْتِ , وَحَجَّ الْمُسْلِمُونَ لَا يُشَارِكُهُمْ فِي الْبَيْتِ الْحَرَامِ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ , فَكَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَمَامِ النِّعْمَةِ: {§وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة: 3] "
حَدَّثَنَا بِشْرٌ , قَالَ: ثنا يَزِيدُ , قَالَ: ثنا سَعِيدٌ , عَنْ قَتَادَةَ , قَوْلُهُ: {§الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ -[84]- لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة: 3] الْآيَةُ , ذُكِرَ لَنَا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ , حِينَ نَفَى اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ , وَأَخْلَصَ لِلْمُسْلِمِينَ حَجَّهُمْ "
الصفحة 83