كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 8)

فِي هَذِهِ الْآيَةِ {غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ} [المائدة: 3] فَأَكَلَهُ {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 192] فَتَرَكَ ذِكْرَ: فَأَكَلَهُ. وَذَكَرَ: لَهُ , لِدَلَالَةِ سَائِرِ مَا ذُكِرَ مِنَ الْكَلَامِ عَلَيْهِمَا. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 192] فَإِنَّ مَعْنَاهُ: فَإِنَّ اللَّهَ لِمَنْ أَكَلَ مَا حَرَّمْتُ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَكْلَهُ فِي مَخْمَصَةٍ , غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ , غَفُورٌ رَحِيمٌ , يَقُولُ: يَسْتُرُ لَهُ عَنْ أَكْلِهِ مَا أَكَلَ مِنْ ذَلِكَ بِعَفْوِهِ عَنْ مُؤَاخَذَتِهِ إِيَّاهُ , وَصَفْحِهِ عَنْهُ , وَعَنْ عُقُوبَتِهِ عَلَيْهِ {رَحِيمٌ} [البقرة: 143] يَقُولُ: " وَهُوَ بِهِ رَفِيقٌ , مِنْ رَحْمَتِهِ وَرِفْقِهِ بِهِ , أَبَاحَ لَهُ أَكْلَ مَا أَبَاحَ لَهُ أَكْلَهُ مِنَ الْمَيْتَةِ وَسَائِرِ مَا ذُكِرَ مَعَهَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ , فِي حَالِ خَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ , مِنْ كَلَبِ الْجُوعِ وَضَرِّ الْحَاجَةِ الْعَارِضَةِ بِبَدَنِهِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَمَا الْأَكْلُ الَّذِي وَعَدَ اللَّهُ الْمُضْطَرَّ إِلَى الْمَيْتَةِ وَسَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ مَعَهَا بِهَذِهِ الْآيَةِ غُفْرَانَهُ إِذَا أَكَلَ مِنْهَا؟ قِيلَ: مَا:
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ وَاصِلٍ الْأَسَدِيُّ , قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْأَسَدِيُّ , عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ , عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ , عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ , قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّا بِأَرْضٍ تُصِيبُنَا فِيهَا مَخْمَصَةٌ , فَمَا يَصْلُحُ لَنَا مِنَ الْمَيْتَةِ؟ قَالَ: «§إِذَا لَمْ تَصْطَبِحُوا , أَوْ تَغْتَبِقُوا , أَوْ تَحْتَفِئُوا بَقْلًا , فَشَأْنُكُمْ بِهَا»

الصفحة 96