كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 9)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ذَلِكَ تَصْيِيرَهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: صَيَّرْتُ لَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ ذَلِكَ قِيَامًا كَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ مَنْ أَحْدَثَ لَكُمْ لِمَصَالِحِ دُنْيَاكُمْ مَا أَحْدَثَ مِمَّا بِهِ قِوَامُكُمْ، عِلْمًا مِنْهُ بِمَنَافِعِكُمْ وَمَضَارِكُمْ، أَنَّهُ كَذَلِكَ يَعْلَمُ جَمِيعَ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِمَّا فِيهِ صَلَاحُ عَاجِلِكُمْ وَآجِلِكُمْ، وَلِتَعْلَمُوا أَنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أُمُورِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ، وَهُوَ مُحْصِيهَا عَلَيْكُمْ حَتَّى يُجَازَى الْمُحْسِنُ مِنْكُمْ بِإِحْسَانِهِ وَالْمُسِيءُ مِنْكُمْ بِإِسَاءَتِهِ.
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: اعْلَمُوا أَيُّهَا النَّاسُ أَنَّ رَبَّكُمُ الَّذِي يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ، وَلَا يَخْفَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ سَرَائِرِ أَعْمَالِكُمْ وَعَلَانِيَتِهَا، وَهُوَ يُحْصِيهَا عَلَيْكُمْ لِيُجَازِيَكُمْ بِهَا، شَدِيدٌ عِقَابُهُ مَنْ عَصَاهُ وَتَمَرَّدَ عَلَيْهِ عَلَى مَعْصِيَتِهِ إِيَّاهُ، وَهُوَ غَفُورٌ الذُّنُوبَ مَنْ أَطَاعَهُ وَأَنَابَ إِلَيْهِ فَسَاتِرٌ عَلَيْهِ وَتَارِكٌ فَضِيحَتَهُ بِهَا، رَحِيمٌ بِهِ أَنْ يُعَاقِبَهُ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِهِ بَعْدَ إِنَابَتِهِ وَتَوْبَتِهِ مِنْهَا.
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ وَهَذَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ تَهْدِيدٌ لِعِبَادِهِ وَوَعِيدٌ، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لَيْسَ عَلَى

الصفحة 11